صفحة جزء
250 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال "لعلي ":

"إن لك بيتا في الجنة، وإنك ذو قرنيها"
[ ص: 444 ] .

[قال أبو عبيد" وقد] كان بعض أهل العلم يتأول هذا الحديث، أنه ذو قرني الجنة: يريد ذو طرفيها.

وإنما تأول ذلك، لذكره الجنة في أول الحديث.

وأما أنا فلا أحسبه أراد ذلك - والله أعلم - ، ولكنه أراد: إنك ذو قرني هذه الأمة، فأضمر الأمة، وهذا سائر كثير في القرآن، وفي كلام العرب وأشعارهم، أن يكنوا عن الاسم.

من ذلك قول الله - جل ثناؤه - : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى [ ص: 445 ] .

وفى موضع آخر: ما ترك عليها من دابة

فمعناه عند الناس: الأرض، وهو لم يذكرها.

وكذلك قوله: حتى توارت بالحجاب

يفسرونه أنه أراد الشمس فأضمرها (ولم يذكرها ).

وقد يقول القائل: "ما بها أعلم من فلان ".

يعني القرية، والمدينة، ونحو ذلك .

وقال "حاتم ":


أما وي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما، وضاق بها الصدر [ ص: 446 ]

يعني النفس، ولم يذكرها.

وإنما اخترت هذا التفسير على الأول لحديث عن "علي" نفسه هو عندي مفسر له، ولنا.

وذلك أنه ذكر "ذا القرنين "، فقال:

دعا قومه إلى عبادة الله [عز وجل] ، فضربوه على قرنيه ضربتين، وفيكم مثله.

["أبو عبيد"] : فنرى أنه أراد، بقوله هذا نفسه، أي [ ص: 447 ] إني أدعو إلى الحق حتى أضرب على رأسي ضربتين، يكون فيهما قتلي.

التالي السابق


الخدمات العلمية