صفحة جزء
261 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه سئل عن الفرع، فقال [ ص: 473 ] :

[هو] حق، وأن تتركه حتى يكون "ابن مخاض" - أو "ابن لبون" زخزبا خير من أن تكفأ إناءك، وتوله ناقتك، وتذبحه يلصق لحمه بوبره"
[ ص: 474 ] .

يروى عن "معمر" و"سفيان بن عيينة" عن زيد بن أسلم" عن رجل من "بني ضمرة" عن عمه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "الفرع ": هو أول شيء تنتجه الناقة، فكانوا يجعلونه لله [ - عز وجل - ] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "هو حق ".

ولكنهم كانوا يذبحونه حين يولد، فكره ذلك، وقال: دعه حتى يكون "ابن مخاض" أو "ابن لبون "، فيصير له طعم، والزخزب: هو الذي قد غلظ جسمه، واشتد لحمه [ ص: 475 ] .

................................. [ ص: 476 ] .

وقوله: "خير من أن تكفأ إناءك "

يقول: إنك إذا ذبحته حين تضعه أمه بقيت الأم بلا ولد ترضعه، فانقطع لذلك لبنها. يقول: فإذا فعلت ذلك، فقد كفأت إناءك، وهرقته.

وإنما ذكر الإناء ها هنا لذهاب اللبن

ومن هذا قول "الأعشى" يمدح رجلا:


رب رفد هرقته ذلك اليوم وأسرى من معشر أقتال

فالرفد: هو الإناء الضخم.

فأراد بقوله: هرقته ذلك اليوم، أي أنك استقت الإبل، فتركت أهلها ذاهبة ألبانهم، فارغة آنيتهم منها [ ص: 477 ] .

وأما قوله: "توله ناقتك ": فهو ذبحه ولدها.

وكل أنثى فقدت ولدها، فهي واله.

ومنه الحديث الآخر في السبي: "أنه نهى أن توله والدة عن ولدها ".

يقول: لا يفرق بينهما في البيع

وإنما جاء هذا النهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفرع أنهم كانوا يذبحون ولد الناقة أول ما تضعه [أمه] ، وهو بمنزلة الغراء [ ص: 478 ] .

ألا تسمع إلى قوله: يختلط أو يلصق لحمه بوبره

ففيه ثلاث خصال من الكراهة:

إحداهن: أنه لا ينتفع بلحمه.

والثانية: إذا ذهب ولدها ارتفع لبنها.

والثالثة: أنه يكون [قد] فجعها به، فيكون آثما.

فقال [النبي] - صلى الله عليه وسلم - : "دعه حتى يكون "ابن مخاض" وهو ابن سنة أو "ابن لبون" وهو ابن سنتين، ثم اذبحه حينئذ - فقد طاب لحمه، واستمتعت بلبن أمه سنة، ولا يشق عليها مفارقته؛ لأنه قد استغنى عنها، وكبر ".

التالي السابق


الخدمات العلمية