صفحة جزء
34 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لأبي بردة بن نيار في الجذعة التي أمره أن يضحي بها:

"ولا تجزي عن أحد بعدك".

قال: أخبرناه هشيم وإسماعيل، ويزيد هؤلاء أو بعضهم، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن البراء [بن عازب] ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 186 ] .

قال الأصمعي: هو مأخوذ من قولك: قد جزى عني هذا الأمر، فهو يجزي عني - ولا همز فيه - ومعناه: لا تقضي عن أحد بعدك، يقول: لا تجزي: لا تقضي، وقال الله - تبارك وتعالى - : واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا هو من هذا.

ومنه حديث يروى عن عبيد بن عمير أن رجلا كان يداين الناس، وكان له كاتب ومتجاز، فكان يقول له: إذا رأيت الرجل معسرا، فأنظره، فغفر الله له.

[قال أبو عبيد] : والمتجازي: المتقاضي.

قال الأصمعي: "أهل المدينة" يقولون: أمرت فلانا يتحازى [لي] ديني على فلان: أي يتقاضاه.

قال: وأما قوله: أجزأني الشيء إجزاء، فمهموز، ومعناه: كفاني، وقال الطائي [ ص: 187 ] :


لقد آليت أغدر في جداع وإن منيت أمات الرباع     بأن الغدر في الأقوام عار
وأن المرء يجزأ بالكراع

جداع: السنة التي تجدع كل شيء: أي تذهب به. [وقوله] يجزأ [بالكراع] أي يكتفى بها. ومنه قول الناس: اجتزأت بكذا وكذا، وتجزأت به: أي اكتفيت به.

التالي السابق


الخدمات العلمية