صفحة جزء
403 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

"مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تميلها الريح مرة هكذا، ومرة هكذا ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية على الأرض حتى يكون انجعافها مرة" [ ص: 119 ] .

قال: حدثناه "عبد الرحمن بن مهدي" عن "سفيان" عن "سعيد بن إبراهيم" عن "ابن كعب بن مالك" عن " أبيه" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ذلك.

قال "عبد الرحمن" انجعافها أو انخعافها.

[قال "أبو عبيد": ليس انخعافها بشيء] [ ص: 120 ] .

قال "أبو عمرو": هي الأرزة - مفتوحة الراء - من الشجر الأرزن.

والانجعاف: الانقلاع.

ومنه قيل: جعفت الرجل: إذا صرعته، فضربت به الأرض، ولم يعرفها بالخاء - يعني انخعافها.

وقال "أبو عبيدة": هي الآرزة مثال فاعلة، وهي الثابتة في الأرض.

قال: وقد أرزت تأرز [أروزا] .

والمجذية: الثابتة في الأرض أيضا.

قال "أبو عبيدة": فيها لغتان، يقال: جذت تجذو، وأجذت تجذي [ ص: 121 ] .

وقال "أبو عبيدة" في الانجعاف مثل قول "أبي عمرو" أيضا.

قال "أبو عبيد": والأرزة عندي غير ما قال "أبو عمرو" و"أبو عبيدة" إنما هي "الأرزة" - بتسكين الراء - وهو شجر معروف بالشام، وقد رأيته.

يقال له الأرز واحدتها أرزة، وهو الذي يسمى "بالعراق" الصنوبر، وإنما الصنوبر ثمر الأرز، فسمي الشجر صنوبرا من أجل ثمره.

والخامة: الغضة الرطبة، قال الشاعر:


إنما نحن مثل خامة زرع فمتى يأن يأت محتصده

قال "أبو عبيد" والمعنى - فيما نرى - أنه شبه المؤمن بالخامة [ ص: 122 ] التي تميلها الريح; لأنه مرزأ في نفسه، وأهله وولده وماله.

وأما الكافر، فمثل الأرزة التي لا تميلها الرياح، والكافر لا يرزأ شيئا حتى يموت، [فإن رزئ لم يؤجر عليه] فشبه موته بانجعاف تلك، حتى يلقى الله بذنوبه، وهي جمة.

التالي السابق


الخدمات العلمية