صفحة جزء
429 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

"أنه أمر أن تحفى الشوارب، وتعفى اللحى" [ ص: 180 ] .

قال: حدثناه "هشيم" عن "عمر بن أبي سلمة; عن "أبيه" عن "أبي هريرة" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - .

قال "الكسائي" قوله: تعفى: يعني توفر، وتكثر.

قال "أبو عبيد": يقال منه: قد عفا الشعر وغيره: إذا كثر يعفو، فهو عاف.

وقد عفوته وأعفيته لغتان: إذا فعلت ذاك به، قال الله - تبارك وتعالى حتى عفوا [وقالوا] يعني كثروا [ ص: 181 ] .

ويقال في غير هذا: قد عفا الشيء: إذا درس، وانمحى، قال "لبيد [بن ربيعة] ":


عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها

[وهذا كثير في الشعر] .

وعفا أيضا: إذا أتى الرجل الرجل يطلبه حاجة: فقد عفاه، فهو يعفوه وهو عاف.

ومنه الحديث المرفوع: "من أحيا أرضا ميتة، فهي له وما أصابت العافية منها، فهو له صدقة" [ ص: 182 ] .

فالعافية ها هنا كل طالب رزقا من إنسان، أو دابة أو طائر، أو غير ذلك.

وجمع العافي عفاة، قال "الأعشى" يمدح رجلا:


تطوف العفاة بأبوابه     كطوف النصارى ببيت الوثن

ويروى: "تطيف" [أيضا]

والمعتفي مثل العافي إنما هو مفتعل منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية