صفحة جزء
435 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

"أنه نهى عن عسب الفحل" [ ص: 196 ] .

قال "الأموي": العسب: الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل.

يقال منه: عسبت الرجل أعسبه عسبا: إذا أعطيته الكراء على ذلك.

وقال غيره: العسب هو الضراب نفسه لقول الشاعر، وذكر قوما أسروا له عبدا فرماهم به:


فلولا عسبه لتركتموه وشر منيحة عسب معار [ ص: 197 ]

قال "أبو عبيد": والوجه عندي ما قال "الأموي" أنه الكراء.

ولو كان المعنى على الضراب نفسه، لدخل النهي على كل من أنزى فحلا، وفي هذا انقطاع النسل.

وأما قول الشاعر، فقد يجوز; لأن العرب قد تسمي الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه كما قالوا للمزادة راوية، وإنما الراوية البعير الذي يستقى عليه، فسميت المزادة راوية; لأنها تكون عليه.

وكذلك الغائط من الإنسان. كان "الكسائي" يقول: إنما سمي غائطا; لأن أحدهم كان إذا أراد قضاء الحاجة، قال: حتى آتي الغائط، فأقضي حاجتي، وإنما أصل الغائط المطمئن من الأرض.

قال: فكثر ذلك في كلامهم حتى سمي غائط الإنسان بذلك.

وكذلك العذرة إنما هي فناء الدار، فسميت به; لأنه كان يلقى بأفنية الدور [ ص: 198 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية