صفحة جزء
487 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"لا يدخل الجنة قتات" [ ص: 353 ] .

حدثنا "أبو عبيد": قال: حدثناه "أبو معاوية الضرير" عن "الأعمش" عن "إبراهيم" عن "همام بن الحارث" عن "حذيفة" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

قال "الكسائي" و"أبو زيد" أو أحدهما: قوله: "قتات" يعني النمام.

يقال منه: فلان يقت الأحاديث قتا، أي ينمها نما.

وقال "الأصمعي" في الذي ينمي الأحاديث هو مثل القتات إذا كان يبلغ هذا عن هذا على وجه الإفساد والنميمة [ ص: 354 ] .

يقال منه: نميت - مشددة - تنمية.

قال: وإذا كان إنما يبلغ على وجه الإصلاح وطلب الخير قيل منه: نميت الحديث إلى فلان مخففة، فأنا أنميه.

قال "أبو عبيد": ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

حدثناه "ابن علية" عن "معمر" عن "الزهري" عن "حميد ابن عبد الرحمن بن عوف" عن "أمه أم كلثوم بنت عقبة"; عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس: فقال خيرا ونمى خيرا" [ ص: 355 ] .

يعني: أبلغ ورفع، وكل شيء رفعته فقد نميته، ومنه قول النابغة:


فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له وانم القتود على عيرانة أجد.

ولهذا قيل: نمى الخضاب في اليد والشعر إنما هو ارتفع وعلا، فهو ينمي. وزعم بعض الناس أن ينمو لغة.

قال "أبو عبيد": وبلغني عن "سفيان بن عيينة" أنه قال: "لو أن رجلا اعتذر إلى رجل فحرف الكلام وحسنه ليرضيه بذلك لم يكن كاذبا".

يتأول الحديث: "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا ونمى خيرا" قال: فإصلاحه ما بينه وبين صاحبه أفضل من إصلاحه ما بين الناس.

التالي السابق


الخدمات العلمية