صفحة جزء
522 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرى والرقبى أنها لمن أعمرها ، ولمن أرقبها ولورثتهما من بعدهما " [ ص: 20 ] .

قال أبو عبيد : وتأويل العمرى : أن يقول الرجل للرجل : هذه الدار لك عمرك ، أو يقول له : هذه الدار لك عمري .

وقال أبو عبيد : وقد حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء في تفسير العمرى بمثل ذلك أو نحوه .

فأما الرقبى ، فإن ابن علية حدثنا عن حجاج بن أبي عثمان ، قال : سألت أبا الزبير عن الرقبى ، فقال : هو أن يقول الرجل للرجل : إن مت [ ص: 21 ] قبلي رجع إلي ، وإن مت قبلك فهو لك .

قال أبو عبيد : وحدثني ابن علية أيضا عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال : الرقبى : أن يقول [الرجل للرجل ] كذا وكذا لفلان ، فإن مات فهو لفلان .

قال أبو عبيد : وأصل العمرى عندنا إنما هو مأخوذ من العمر . ألا تراه يقول : هو لك عمري أو عمرك .

وأصل الرقبى من المراقبة ، فكأن كل واحد منهما إنما يرقب موت صاحبه ، ألا تراه يقول : إن مت قبلي رجعت إلي ، وإن مت قبلك فهو لك ؟ فهذا ينبئك عن المراقبة .

والذي كانوا يريدون بهذا أن يكون الرجل يريد أن يتفضل على صاحبه بالشيء ، فيستمتع منه ما دام حيا ، فإذا مات الموهوب له لم يصل إلى ورثته منه شيء ، فجاءت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقض ذلك أنه من ملك شيئا حياته ، فهو لورثته من بعد موته . وفيه أحاديث كثيرة [ ص: 22 ] .

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن طاوس عن حجر المدري ، عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالعمرى للوارث .

حدثنا أبو عبيد : قال : وحدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن سليمان بن يسار أن طارقا - أميرا كان على المدينة - قضى بالعمرى للورثة ، عن قول جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال أبو عبيد : وحدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "العمرى جائزة لأهلها " [ ص: 23 ] .

حدثنا أبو عبيد : قال : وحدثنا ابن علية ، عن ابن أبي نجيح ، عن طاوس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا رقبى فمن أرقب شيئا فهو لورثة المرقب " .

قال أبو عبيد : وهذه الآثار أصل لكل من وهب هبة واشترط فيها شرطا أن الهبة جائزة ، وأن الشرط باطل كالرجل يهب للرجل جارية على ألا تباع ولا توهب أو على أن يتخذها سرية ، أو على أنه إن أراد بيعها فالواهب أحق بها .

هذا وما أشبهه من الشروط ، فقبضها الموهوب له على ذلك وعوض الواهب منها فالهبة ماضية والشرط باطل في ذلك كله .

قال أبو عبيد : وكان مالك [بن أنس ] يقول : إذا أعمر الرجل الرجل دارا ، فقال : هي لك عمرك ، فإنهما على شرطهما إذا مات الموهوب له رجعت إلى الواهب ، إلا أن يقول : هي لك ولعقبك من بعدك [ ص: 24 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية