صفحة جزء
536 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان جالسا القرفصاء " [ ص: 62 ] .

قال أبو عبيد : وهذا حديث يروى عن عبد الله بن حسان ، عن جدتيه عن "قيلة " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال أبو عبيدة : قوله : "القرفصاء" يعني أن يقعد الرجل قعدة المحتبي ، ثم يحتبي بيديه يضعهما على ساقيه .

وأما الإقعاء - الذي جاء فيه النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل في الصلاة - فقد اختلف الناس فيه .

فقال أبو عبيدة : هو أن يلصق إليتيه بالأرض ، وينصب ساقيه ، ويضع يديه بالأرض .

وأما تفسير الفقهاء ، فهو أن يضع إليتيه على عقبيه بين السجدتين شبيه بما يروى عن العبادلة : عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير [ ص: 63 ] [ - رضي الله عنهم - ] .

قال أبو عبيد : وقول أبي عبيدة أشبه بكلام العرب ، وهو المعروف عندهم . وذلك بين في بعض الحديث أنه نهى أن يقعي الرجل كما يقعي السبع ، ويقال كما يقعي الكلب ، وليس الإقعاء في السباع إلا كما قال أبو عبيدة . وقال أبو عبيد : وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أكل مرة مقعيا ، فكيف يمكن أن يكون فعل هذا وهو واضع أليتيه على عقبيه .

وأما الحديث الآخر : "أنه نهى عن عقب الشيطان في الصلاة " فإنه أن يضع [ ص: 64 ] [الرجل ] أليتيه على عقبيه في الصلاة بين السجدتين ، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء .

وأما حديث عبد الله بن مسعود "أنه كره أن يسجد الرجل متوركا أو مضطجعا " حدثنا أبو عبيد : قال حدثناه أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله .

[قال أبو عبيد ] : قوله : متوركا : يعني أن يرفع وركيه إذا سجد حتى يفحش في ذلك .

وقوله : مضطجعا : يعني أن يتضام ويلصق صدره بالأرض ، ويدع التجافي في سجوده .

ولكن يقول بين ذلك :

ويقال : التورك هو أن يلصق أليتيه بعقبيه في السجود .

وأما حديث "ابن عمر " [رحمه الله ] أنه كان لا يفرشح رجليه في الصلاة [ ص: 65 ] ولا يلصقهما " .

حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنيه حجاج ، عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر . قوله : يفرشح [رجليه ] : فالفرشحة : أن يفرج بين رجليه في الصلاة ويباعد إحداهما من الأخرى ، فيقول : لا تفعل ذلك ، ولا تلصق إحداهما بالأخرى ، ولكن بين ذلك .

وأما افتراش السبع - الذي جاء فيه النهي - ، فهو : أن يلصق الرجل ذراعيه بالأرض في السجود ، فكذلك تفعل السباع .

وأما التفاج : فإنه تفريج ما بين الرجلين [ ص: 66 ] .

ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بال تفاج . وفي بعض الحديث : قال بعض الصحابة : حتى نأوي له .

وأما الفشج فهو دون التفاج ، ومنه : حديث الأعرابي الذي دخل المسجد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما كان في ناحية منه فشج فبال .

حدثنا أبو عبيد ، قال : وحدثناه يزيد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .

وبعضهم يرويه : "فشج" بتشديد الشين [ ص: 67 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية