صفحة جزء
537 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر عامر بن ربيعة ، وكان رأي سهل بن حنيف يغتسل فعانه " .

حدثنا أبو عبيد : قال : حدثنيه حجاج : عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل ، فقال : ما رأيت كاليوم [قط ] ولا جلد مخبأة ، فلبط به حتى ما يعقل [ ص: 68 ] من شدة الوجع ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أتتهمون أحدا ؟ قالوا : نعم . عامر بن ربيعة ، وأخبروه بقوله ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل له . ففعل ، فراح مع الركب " .

قال : قال الزهري : يؤتى الرجل العائن بقدح ، فيدخل كفه فيه ، فيمضمض ، ثم يمجه في القدح ، ثم يغسل وجهه في القدح ، ثم يدخل يده اليسرى ، فيصب على كفه اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى ، فيصب على كفه اليسرى ، ثم يدخل يده اليسرى ، فيصب على مرفقه الأيمن ، ثم يدخل يده اليمنى ، فيصب على مرفقه الأيسر ، ثم يدخل يده اليسرى ، فيصب على قدمه الأيمن ، ثم يدخل يده اليمنى ، فيصب على قدمه اليسرى ، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى ، فيصب على ركبته اليسرى ، ثم يغسل داخلة إزاره ، ولا يوضع القدح بالأرض ، ثم يصب على رأس الرجل الذي أصيب بالعين من خلفه صبة واحدة .

قال أبو عبيد : قوله : فلبط به ، يقول : صرع .

يقال : لبط بالرجل يلبط لبطا : إذا سقط .

ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أنه خرج وقريش ملبوط [ ص: 69 ] بهم " يعني أنهم سقوط بين يديه .

[قال ] : وفي هذا لغة أخرى ليست في الحديث ، يقال : لبج به بمعنى لبط به سواء .

وقوله : فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل له ، فقد كان بعض الناس يغلط فيه ، يظن أن الذي أصابته العين هو الذي يغسل ، وإنما هو كما فسره الزهري ، يغسل العائن هذه المواضع من جسده ، ثم يصبه المعين على نفسه أو يصب عليه .

[قال أبو عبيد ] : ومما يبين ذلك حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حدثنا أبو عبيد : قال : حدثناه إبراهيم بن سعد ، عن أبيه سعد بن إبراهيم ، أن سعد بن أبي وقاص ركب يوما فنظرت إليه امرأة [ ص: 70 ] فقالت : إن أميركم هذا ليعلم أنه أهضم الكشحين" ، فرجع إلى منزله ، فسقط فبلغه ما قالت المرأة ، فأرسل إليها فغسلت له .

[قال أبو عبيد ] : وأما قوله : ويغسل داخلة إزاره ، فقد اختلف الناس في معناه ، فكان بعضهم يذهب وهمه إلى المذاكير ، وبعضهم إلى الأفخاذ والورك . وليس هو عندي من هذا في شيء .

إنما أراد بداخلة إزاره طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده ، وهو يلي الجانب الأيمن من الرجل ؛ لأن المؤتزر إنما يبدأ إذا ائتزر بجانبه الأيمن ، فذلك الطرف يباشر جسده ، فهو الذي يغسل .

قال : ولا أعلمه إلا وقد جاء مفسرا في بعض الحديث هكذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية