صفحة جزء
605 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [ - رضي الله عنه - ] "هاجروا ولا تهجروا ، واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا ، ولكن ليذك لكم الأسل ؛ الرماح والنبل " [ ص: 209 ] .

قال : حدثناه أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، قال : قدمت المدينة ، فخرجت في يوم عيد ، فإذا رجل متلبب ، أعسر أيسر ، يمشي مع الناس كأنه راكب ؛ وهو يقول : كذا وكذا ، فإذا هو عمر " .

قوله : هاجروا ولا تهجروا ، يقول : أخلصوا الهجرة ، ولا تشبهوا بالمهاجرين على غير صحة منكم ، وهذا هو التهجر .

وهذا هو التهجر .

وهذا كقولك للرجل : هو يتحلم وليس بحليم ، ويتشجع ، وليس بشجاع ، أي : أنه يظهر ذلك وليس فيه .

وقوله : "ليذك لكم الأسل الرماح والنبل " فهذا يرد قول من يقول : إن الأسل الرماح خاصة ، ألا تراه قد جعله النبل مع الرماح .

وقد وجدنا الأسل في غير الرماح ، إلا أن أكثر ذلك وأفشاه في الرماح [ ص: 210 ] .

وبعضهم يقول في هذا النبات الذي قال الله [تعالى ] فيه لأيوب [عليه السلام ] : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنما قيل له : الأسل ؛ لأنه شبه بالرماح .

وأما قوله : متلبب ، فإنه المتحزم ، وكل من جمع عليه ثيابه ، وتحزم ، فقد تلبب ، وقال أبو ذؤيب :


ونميمة من قانص متلبب في كفه جشء أجش وأقطع

يصف الحمر أنها سمعت نميمة القانص ، والنميمة : الصوت ، والجشء : القوس الخفيفة .

وأما قوله : أعسر أيسر ، فهكذا يروى في الحديث ، وأما كلام العرب ، فإنه أعسر يسر ، وهو الذي يعمل بيديه جميعا سواء ، وهو الأضبط أيضا .

ويقال من اليسر : في فلان يسرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية