صفحة جزء
608 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [ - رضي الله عنه - ] أن رجلا من الجن لقيه ، فقال : هل لك أن تصارعني ، فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان ، فصارعه ، فصرعه عمر ، فقال : إني أراك ضئيلا شيختا ، كأن ذراعيك ذراعا كلب ، أفهكذا أنتم أيها الجن كلكم ؟ أم أنتم من بينهم ؟ فقال : إني منهم لضليع ، فعاودني [فعاوده ] .

قال فصارعه فصرعه الإنسي .

فقال : تقرأ آية الكرسي ، فإنه لا يقرأها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان وله خبج كخبج الحمار " [ ص: 215 ] .

[حدثنا أبو عبيد ] قال : حدثناه أبو معاوية ، عن أبي عاصم الثقفي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : خرج رجل من الإنس ، فلقيه رجل من الجن ، ثم ذكر الحديث .

قال : فقيل لعبد الله : أهو عمر ؟ فقال : ومن عسى أن يكون إلا عمر .

قال أبو عبيد : قوله : ضئيلا شيختا : هما جميعا النحيف الجسم الدقيق .

ومنه قيل للأفعى : ضئيلة ؛ لأنه ليس يعظم خلقها كسائر الحيات ، قال النابغة :


فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع

يعني الأفعى ، وكذلك الشخت والشخيت : الدقيق ، قال ذو الرمة "يصف الظليم " :


شخت الجزارة مثل البيت سائره     من المسوح خدب شوقب خشب

فالجزارة : عنقه وقوائمه ، وهي دقاق كلها .

وقوله : إني منهم لضليع . الضليع : العظيم الخلق .

وقوله : إلا خرج وله خبج . الخبج : الضراط ، وهو الحبج أيضا - بالحاء - ، وله أسماء سوى هذين كثيرة [ ص: 216 ] .

ومن الضئيل الحديث المرفوع : "إن إسرافيل له جناح بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، والعرش على جناحه ، وإنه ليتضاءل الأحيان لعظمة الله [تبارك وتعالى ] حتى يعود مثل الوصع " .

يقال في الوصع : إنه طائر مثل العصفور ، أو أصغر منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية