صفحة جزء
626 - وقال " أبو عبيد " في حديث "عمر " - رضي الله عنه - أنه سمع رجلا يتعوذ من الفتن ، فقال [له ] "عمر " : "اللهم إني أعوذ بك من الضفاطة ، أتسأل ربك ألا يرزقك أهلا ومالا ، أو قال : أهلا وولدا " .

هذا من حديث "جعفر بن عون " عن "مسعر " عن "أبي الضحى " يسنده إلى "عمر " .

قوله : "أتسأل ربك ألا يرزقك أهلا وولدا " معناه عندي [ - والله أعلم - ] قول الله - تبارك وتعالى - : إنما أموالكم وأولادكم فتنة فأراد "عمر " هذه الآية .

ومنه حديثه - حين سأل أصحاب "النبي" - صلى الله عليه وسلم - فقال : "أيكم سمع قول "النبي" - صلى الله عليه وسلم - في الفتن" ؟

قالوا : نحن .

قال : "لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وماله" ؟

قالوا : نعم .

قال : "تلك يكفرها الصيام ، والصلاة والصدقة ، ولكن أيكم سمع قوله [ ص: 247 ] [صلى الله عليه وسلم ] في الفتن التي تموج موج البحر" ؟

فقال "حذيفة " : أنا .

فقال : "أنت لعمري " .


قال [ " أبو عبيد " ] : حدثنيه "يزيد " عن "أبي مالك " عن "ربعي " عن "حذيفة " عن "عمر " في حديث طويل .

قال "أبو عبيد " : فالذي كره "عمر " أن يتعوذ منه : الفتنة بالأهل والمال ، ولم ينه عن التعوذ من الفتن التي تموج موج البحر .

وقوله : "الضفاطة " : يعني ضعف الرأي والجهل ، يقال منه : رجل ضفيط .

وقد قال بعض أهل العلم في حديث "ابن سيرين " أنه شهد نكاحا فقال : "فأين ضفاطتكم" ؟ فسره : أنه أراد الدف .

وإنما نراه [أنه ] سماه ضفاطة ، لهذا المعنى : أي إنه لهو ولعب ، وهو راجع إلى ضعف الرأي والجهل [ ص: 248 ] .

ومنه حديث "لابن سيرين " آخر : أنه كان ينكر قول من قال : "إذا قعد إليك الرجل فلا تقم حتى تستأذنه " .

قال : وبلغه عن رجل أنه استأذن ، فقال : إني لأراه ضفيطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية