صفحة جزء
أحاديث عثمان بن عفان رضي الله عنه [ ص: 304 ]

669 - وقال " أبو عبيد " في حديث عثمان [بن عفان ] - رحمه الله - حين أرسل "سليط بن سليط " و"عبد الرحمن بن عتاب " إلى " عبد الله بن سلام " فقال : "إيتياه ، فتنكرا ، وقولا : إنا رجلان أتاويان ، وقد صنع الناس ما ترى ، فما تأمر ؟

فقالا له ذلك ، فقال : لستما بأتاويين ، ولكنكما فلان ، وفلان ، وأرسلكما أمير المؤمنين " .

قال : حدثناه " ابن علية " عن "أيوب " عن "ابن سيرين " عن " عثمان " .

قال "الكسائي " : الأتاوي : الغريب الذي هو في غير وطنه ، وأنشدنا - هو - "وأبو الجراح العقيلي" ، أو أحدهما - يصف الإبل أنها قطعت بلادا حتى صارت في القفار ، فقال :

يصبحن بالقفر أتاويات

هيهات من مصبحها هيهات

هيهات حجر من صنيبعات [ ص: 305 ] [قال : تخفض هيهات ، وترفع ، وتنصب ] .

يقول : إنها أصبحت بالقفر غرائب في غير أوطانها ، وأنشدوا "أتاويات" بالفتح ، وأما الحديث فيروى بالضم : أتاويان ، وكلام العرب بالفتح .

وفي هذا الحديث من الفقه : قوله لهما : قولا : إنا رجلان أتاويان ، وهما من أهل المصر ، وهذا عندي من المعاريض ، إنما أولته أنه أراد أنا غريبان في هذا المكان الذي نحن فيه الساعة ، وكل من خرج إلى غير موضعه ، فهو أتاوي .

وهذا عندي شبيه بقول "إبراهيم " إنه كان متواريا فكان أصحابه يدخلون عليه ، فإذا خرجوا من عنده ، يقول لهم إن سئلتم عني ، فقولوا : لا ندري أين هو ، فإنكم لا تدرون إذا خرجتم إلى أين أتحول ، وإنما تحوله من موضع في الدار إلى موضع فيها آخر .

وكقول غيره ، وأتاه رجل يطلبه ، فكره الخروج إليه ، فأدار دارة ، ثم قال : قولوا : ليس هو ها هنا ، وأشار إلى الدارة ، وفي أشباه لهذا من المعاريض كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية