صفحة جزء
670 – وقال " أبو عبيد " في حديث " عثمان " - رحمه الله - [ ص: 306 ] :

قال : "إذا وقعت السهمان ، فلا مكابلة " .

قال " الأصمعي " : تكون المكابلة في معنيين : تكون من الحبس ، يقول : إذا حدثت الحدود ، فلا يحبس أحد عن حقه .

وأصل هذا من الكبل ، وهو القيد ، وجمعه كبول ، والمكبول : المحبوس ، قال : وأنشدني " الأصمعي " :


إذا كنت في دار يهينك أهلها ولم تك مكبولا بها فتحول

قال " الأصمعي " : والوجه الآخر : أن تكون المكابلة من الاختلاط ، وهو مقلوب من قولك : لبكت الشيء ، وبكلته : إذا خلطته .

يقول : فإذا حدت الحدود ، فقد ذهب الاختلاط .

قال " أبو عبيدة " هو من الكبل ، ومعناه : الحبس عن حقه ، ولم يذكر الوجه الآخر .

قال " أبو عبيد " : وهذا عنده هو الصواب الذي أجمعا عليه .

وأما التفسير الآخر ، فإنه عندي غلط ، لو كان من بكلت ، أو لبكت لكان مباكلة أو ملابكة ، وإنما الحديث مكابلة .

والذي في هذا الحديث من الفقه : أن " عثمان بن عفان " [رحمه الله ] كان لا يرى الشفعة للجار ، إنما يراها للخليط المشارك ، وهو بين في حديث له آخر [ ص: 307 ] .

قال حدثناه "عبد الله بن إدريس " عن "محمد بن عمارة " عن "أبي بكر بن حزم " أو عن "عبد الله بن أبي بكر " - الشك من "أبي عبيد" - عن "أبان بن عثمان " عن " عثمان " قال : "لا شفعة في بئر ، ولا فحل ، والأرف تقطع كل شفعة " .

قال "ابن إدريس " : الأرف : المعالم .

وقال " الأصمعي " : هي المعالم والحدود ، قال : وهذا كلام "أهل الحجاز " .

يقال منه : أرفت الدار والأرض تأريفا : إذا قسمتها وحددتها .

وقال "ابن إدريس " : وقوله : "ولا شفعة في بئر ، ولا فحل " قال : أظن الفحل فحل النخل .

قال "أبو عبيد " : وتأويل البئر عندنا : أن تكون البئر بين نفر ، ولكل رجل من أولئك النفر حائط على حدة ليس يملكه غيره ، وكلهم يسقي حائطه من هذه البئر ، فهم شركاء فيها ، وليس بينهم في النخل شرك ، فقضى " عثمان " أنه إن باع رجل منهم حائطه ، فليس لشركائه في البئر شفعة في الحائط من أجل شركه في البئر [ ص: 308 ] .

وأما قوله : "في الفحل " : فإنه من النخل ، كما قال "ابن إدريس " ، ومعناه : الفحل يكون للرجل في حائط قوم آخرين لا شرك له فيه إلا ذلك الفحل ، فإن باع القوم حائطهم ، فلا شفعة لرب الفحل فيه من أجل فحله ذلك .

وقد يقال للحصير : فحل ، وإنما نرى أنه إنما سمي فحلا ؛ لأنه يعمل من فحول النخل .

ومن ذلك حديث يروى عن "النبي" - عليه السلام - : "أنه دخل على رجل من الأنصار ، وفي ناحية البيت فحل من تلك الفحول ، فأمر بناحية منه فرشت ، ثم صلى عليه " [ ص: 309 ] .

قال : حدثناه "معاذ " عن "ابن عون " أحسبه عن "أنس بن سيرين " عن "عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن "أنس [بن مالك ] " .

إذا أنه قال في حديث معاذ : حصير ، وفي حديث غيره فحل .

يقال : إنما سمي الحصير فحلا ؛ لأنه يعمل من سعف الفحل من النخيل .

وهو في بعض الحديث ، قال : "وفي البيت حصير " فهذا مفسر ، وقد دلك على أن الفحل في ذاك الحديث : الحصير .

ويقال للفحل فحال ، فإذا جمع قيل : فحاحيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية