صفحة جزء
70 - [و] قال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية حين صالح "أهل مكة"، وكتب بينه وبينهم كتابا، فكتب فيه:

"ألا إغلال ولا إسلال، وأن بينهم عيبة مكفوفة".

قال أبو عمرو: الإسلال: السرقة، يقال: في بني فلان سلة إذا كانوا يسرقون. والإغلال: الخيانة.

وكان أبو عبيدة يقول [ ص: 252 ] :

يقال: رجل مغل مسل: أي صاحب سلة وخيانة.

ومنه قول "شريح":

"ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان يعني الخائن.

وقال "النمر بن تولب" يعاتب امرأته "جمرة" في شيء كرهه منها، فقال:


جزى الله عنا جمرة ابنة نوفل جزاء مغل بالأمانة كاذب

قال أبو عبيد: وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن" [ ص: 253 ] .

فإنه يروى: لا يغل، ولا يغل.

فمن قال: يغل - بالفتح - فإنه يجعله من الغل وهو الضغن والشحناء.

ومن قال: يغل - بضم الياء - جعله من الخيانة من الإغلال.

وأما الغلول فإنه من المغنم خاصة.

يقال منه: قد غل يغل غلولا، ولا نراه من الأول ولا [من] الثاني.

ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة: أغل يغل.

ومن الغل: غل يغل.

ومن الغلول: غل يغل بضم الغين.

فهذه الوجوه مختلفة.

قال الله [ - عز وجل - ] : وما كان لنبي أن يغل

ولم نسمع أحدا قرأها بالكسر.

وقرأها بعضهم: "يغل"، فمن قرأها بهذا الوجه، فإنه يحتمل معنيين [ ص: 254 ] :

أن يكون يغل: يخان: يعني أن يؤخذ من غنيمته.

ويكون يغل ينسب إلى الغلول.

وقد قال بعض المحدثين قوله: لا إغلال: أراد لبس الدروع، ولا إسلال: أراد سل السيوف.

ولا أعرف لهذا وجها، ولا أدري ما هو؟

التالي السابق


الخدمات العلمية