صفحة جزء
703 - وقال " أبو عبيد " في حديث "علي " [رحمة الله عليه ] "يوم الجمل " وغاب عنه "سليمان بن صرد " ، فبلغه عنه قول ، فقال "سليمان " : بلغني عن "أمير المؤمنين" ذرو من قول ، تشذر لي به من شتم وإيعاد ، فسرت إليه جوادا " .

قال : حدثنيه "ابن مهدي " عن "مهدي بن ميمون " عن "محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب " قال : حدثني عمي " ضبثم " عن "سليمان بن صرد " .

قوله : ذرو : هو الشيء اليسير من القول ، كأنه طرف من الخبر ، وليس بالخبر كله [ ص: 366 ] .

والتشذر : التهدد والتوعد ، قال "لبيد " يذكر رجالا ، ويصف عداوة بعضهم لبعض ، فقال :


غلب تشذر بالذحول كأنها جن البدي رواسيا أقدامها

وقال "صخر بن حبناء " أخو "المغيرة بن حبناء " :


أتاني عن مغيرة ذرو قول     وعن عيسى فقلت له كذاكا

وفي حديث آخر "لسليمان " قال : أتيت " عليا " حين فرغ من مرحى الجمل ، فلما رآني ، قال : "تزحزحت ، وتربصت ، وتنأنأت ، فكيف رأيت الله [عز وجل ] صنع" ؟

فقلت : يا أمير المؤمنين : إن الشوط بطين ، وقد بقي من الأمور ما تعرف به صديقك من عدوك .

قال : قال "سليمان " : فلما قام قلت "للحسن بن علي " : ما أغنيت عني شيئا .

فقال : هو يقول لك الآن هذا ، وقد قال لي يوم التقى الناس ، ومشى [ ص: 367 ] بعضهم إلى بعض : ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين ما أرى بعد هذا خيرا " .

قال [ " أبو عبيد " ] : حدثنيه "ابن مهدي " عن "أبي عوانة " عن "إبراهيم بن محمد بن المنتشر " عن "أبيه" عن "عبيد بن نضلة " عن "سليمان بن صرد " عن "علي " .

قوله : "مرحى الجمل " : يعني الموضع الذي دارت عليه رحا الحرب ، قال الشاعر :


فدرنا كما دارت على قطبها الرحى     ودارت على هام الرجال الصفائح

وقوله : "تزحزحت" أي تباعدت .

وقوله : "وتنأنأت " : يقول : ضعفت ، وهو من قول "أبي بكر " [رضوان الله عليه ] : خير الناس من مات في النأنأة " [ ص: 368 ] .

ومنه قيل للرجل الضعيف : نأنأ ، وقد فسرناه في غير هذا الموضع .

وقوله : "إن الشوط بطين " : يعني البعيد .

وقوله : "جمع بين هذين الغارين " : فالغار : الجماعة من الناس الكثيرة ، وكل جمع عظيم غار ، ومنه قول "الأحنف " - يوم انصرف " الزبير " [رضي الله عنه ] من وقعة الجمل ، فقيل له : هذا " الزبير " ، وكان "الأحنف " يومئذ "بوادي السباع" مع قومه قد اعتزل الفريقين جميعا ، فقال : "ما أصنع به إن كان جمع بين هذين الغارين ، ثم انصرف ، وترك الناس " .

التالي السابق


الخدمات العلمية