صفحة جزء
78 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا سافر سفرا، قال: "اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، وسوء المنظر في الأهل والمال" [ ص: 275 ] .

قال: حدثنيه عباد بن عباد، وأبو معاوية، عن عاصم الأحوال، عن عبد الله بن سرجس المخزومي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

أما قوله: من وعثاء السفر: فإن الوعثاء شدة النصب والمشقة، وكذلك هو في المأثم، قال "الكميت" يعاتب "جذاما" على انتقالهم بنسبهم من "خزيمة بن مدركة". وكان يقال: إنه جذام بن أسدة بن خزيمة أخي أسد بن خزيمة، فانتقلوا إلى اليمن فيما أخبرني "ابن الكلبي" فقال "الكميت":


وأين ابنها منا ومنكم وبعلها خزيمة والأرحام وعثاء حوبها

يقول: إن قطيعة الرحم مأثم شديد .

وإنما أصل الوعثاء من الوعث، وهو الدهس والمشي يشتد فيه على صاحبه فصار مثلا لكل ما يشق على فاعله [ ص: 276 ] .

وقوله: وكآبة المنقلب، يعني أن ينقلب من سفره إلى منزله بأمر يكتئب منه، أصابه في سفره، أو مما يقدم عليه.

وقوله: الحور بعد الكون: هكذا يروى بالنون.

قال: وأخبرني عباد بن عباد، قال: سئل "عاصم" عن هذا، فقال: ألم تسمع قوله: حار بعد ما كان؟

يقول: إنه [كان] على حال جميلة، فحار عن ذلك، أي رجع. وهو في غير هذا الحديث: الكور - بالراء - .

وزعم "الهيثم" أن "الحجاج بن يوسف" بعث فلانا - قد سماه - على جيش، وأمره عليهم إلى الخوارج، ثم وجهه بعد ذلك إليهم تحت لواء غيره، فقال له الرجل: هذا الحور بعد الكور.

فقال له "الحجاج": ما قولك: الحور بعد الكور؟

فقال: النقصان بعد الزيادة.

ومن قال هذا أخذه من كور العمامة، يقول: قد تغيرت حاله، وانتقضت [ ص: 277 ] كما ينتقض كور العمامة بعد الشد، وكل هذا قريب بعضه من بعض في المعنى.

التالي السابق


الخدمات العلمية