صفحة جزء
894 - وقال " أبو عبيد " في حديث " ابن عمر" أن رجلا قال له: " إن عندنا بيعا له بالنقد سعر، وبالتأخير سعر، فقال: ما هو؟ فقال: سرق الحرير.

فقال: إنكم معشر أهل العراق تسمون أسماء منكرة، فهلا قلت: شقق الحرير، ثم قال: إذا اشتريت، فكان لك، فبعه كيف شئت".

قال: حدثناه " هشيم" ، قال: أخبرنا " يونس بن عبيد" ، عن " يزيد بن أبي بكر" ، عن " ابن عمر".

وقال " هشيم" مرة أخرى، عن " يزيد بن أبي بكر".

قوله: سرق الحرير: هي الشقق أيضا، كما قال " ابن عمر" إلا أنها البيض منها خاصة، قال الراجز:


ونسجت لوامع الحرور [ ص: 269 ]


سبائبا كسرق الحرير

والواحدة منها: سرقة.

قال " أبو عبيد ": وأحسب أصل هذه الكلمة فارسية، إنما هو سره: يعني الجيد، فعرب، فقيل: سرق، فجعلت القاف مكان الهاء، ومثله في كلامهم كثير، منه: قولهم للخروف: برق، وإنما هو بالفارسية بره، وكذلك يلمق إنما هو بالفارسية يلمه، يعني القباء، والإستبرق مثله، إنما هو استبره: يعني الغليظ من الديباج، وهكذا تفسيره في القرآن.

قال حدثناه " يحيى بن سعيد" ، عن " ابن أبي عروبة" ، عن " قتادة" ، عن " عكرمة". [قال " أبو عبيد "] : فصار هذا الحرف بالفارسية في القرآن مع أحرف سواه، وقد سمعت " أبا عبيدة" يقول: من زعم أن في القرآن لسانا سوى العربية، فقد أعظم على الله القول، واحتج بقوله [ - تعالى - ] : إنا جعلناه قرآنا عربيا وقد روي عن " ابن عباس" و " مجاهد" و " عكرمة" [ ص: 270 ] وغيرهم في أحرف كثيرة أنه من غير لسان العرب، مثل: سجيل، والمشكاة، واليم، والطور، وأباريق، وإستبرق، وغير ذلك، فهؤلاء أعلم بالتأويل من " أبي عبيدة" ، ولكنهم ذهبوا إلى مذهب، وذهب هذا إلى غيره، وكلاهما مصيب، إن شاء الله، وذلك أن أصل هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل، فقال أولئك على الأصل، ثم لفظت به العرب بألسنتها، فعربته، فصار عربيا بتعريبها إياه، فهي عربية في هذه الحال، عجمية الأصل، فهذا القول يصدق الفريقين جميعا.

وفي هذا الحديث من الفقه: أنه لم ير بأسا أن يكون للبيع سعران: أحدهما بالتأخير، والآخر بالنقد، إذا فارقه على أحدهما، فأما إذا فارقه عليهما جميعا، فهو الذي قال " عبد الله" صفقتان في صفقة ربا، ومنه الحديث المرفوع: " أنه نهى عن بيعتين في بيعة".

التالي السابق


الخدمات العلمية