صفحة جزء
حديث يزيد بن شجرة [رحمه الله]

990 - وقال " أبو عبيد " في حديث " يزيد بن شجرة" - وكان " عمر" يبعثه على الجيوش - قال: فخطب الناس، فقال: " اذكروا نعمة الله عليكم، ما أحسن أثر نعمته عليكم إن كنتم ترون ما أرى من بين أحمر، وأصفر، وأخضر، وأبيض، وفي الرحال ما فيها، إلا أنه إذا التقى الصفان في سبيل الله فتحت أبواب السماء، وأبواب الجنة، وأبواب النار، وتزين الحور العين، فإذا أقبل الرجل بوجهه إلى القتال، قلن: اللهم ثبته، اللهم انصره، وإذا أدبر احتجبن منه، وقلن: اللهم اغفر له، فأنهكوا وجوه القوم فدى لكم أبي وأمي، ولا تخزوا الحور العين".

قال: حدثناه " أبو حفص الأبار" و " أبو اليقظان" كلاهما عن " منصور" ، عن " مجاهد" ، عن " يزيد بن شجرة" [ ص: 396 ] .

قوله: من بين أحمر، وأصفر، وأخضر: بعض الناس يحمله على زينة الحور العين، ولا أراه أراد ذلك، لأنه إنما ذكر الحور العين بعد ذا، ولكنه أراد عندي زهرة الأرض، وحسن نباتها، وهيئة القوم في لباسهم، ومما يبين ذلك قوله: وفي الرحال ما فيها" ، فذكرهم نعمة الله عليهم في أنفسهم وفي أهاليهم.

وقوله: ولا تخزوا الحور العين، ليس هو من الخزي، ولا موضع للخزي هاهنا، ولكنه من الخزاية، وهي الاستحياء.

يقال من الهلاك: خزي الرجل يخزى خزيا

ويقال من الحياء: خزي يخزى خزاية.

ويقال: خزيت فلانا: إذا استحييت منه، قال " ذو الرمة" - في الخزاية - [ ص: 397 ] يذكر ثورا: [فر من الكلاب ثم رجع إليها]


خزاية أدركته بعد جولته من جانب الحبل مخلوطا به الغضب

وقال " القطامي" يذكر ثورا فر من الكلاب ثم كر عليها:


جرجا وكر كرور صاحب نجدة     خزي الحرائر أن يكون جبانا

أراد: خزي الرجل الحرائر: أي استحيا منهن أن يفر، فالذي أراد " ابن شجرة" بقوله: لا تخروا الحور العين: أي لا تجعلوهن يستحيين منكم، ولا تعرضوا لذلك منهن.

وقوله: " وانهكوا وجوه القوم" ، يقول: اجهدوهم، أي: ابلغوا جهدهم، ولهذا قيل: نهكته الحمى تنهكه نهكا ونهكة: إذا جهدته، وأضنته [ ص: 398 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية