صفحة جزء
97 - وقال -عليه السلام-: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".

فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السنة عن الله -عز وجل-، وأخذ الصحابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين بعدهم مثل:

[ ص: 238 ] سعيد بن المسيب ، وعلقمة بن وقاص ، والأسود ، والقاسم ، وسالم ، وعطاء ، ومجاهد ، وقتادة ، [ ص: 239 ] والشعبي ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، ثم من بعدهم مثل أيوب السختياني ، ويونس بن عبيد ، وسليمان التيمي ، وابن عون ، ثم مثل سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والزهري ، والأوزاعي ، وشعبة ، ثم مثل يحيى بن سعيد ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، [ ص: 240 ] ...... وعبد الله بن المبارك ، والفضيل بن عياض ، وسفيان بن عيينة ، ثم مثل أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ووكيع بن الجراح ، وابن نمير ، وأبي نعيم ، والحسن بن الربيع ، ثم من بعدهم مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي مسعود الرازي ، وأبي حاتم الرازي ، [ ص: 241 ] ونظرائهم مثل من كان من أهل الشام ، والحجاز ، ومصر ، وخراسان ، وأصبهان ، والمدينة مثل محمد بن عاصم ، وأسيد بن عاصم ، وعبد الله بن محمد بن النعمان ، ومحمد بن النعمان ، والنعمان بن عبد السلام رحمة الله عليهم أجمعين، ثم من لقيناهم، وكتبنا عنهم العلم والحديث والسنة مثل أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة ، [ ص: 242 ] وأبي القاسم الطبراني ، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر أبي الشيخ ، ومن كان في عصرهم من أهل الحديث، ثم بقية الوقت أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الحافظ -رحمه الله-.

فكل هؤلاء سرج الدين، وأئمة السنة، وأولو الأمر من العلماء، فقد اجتمعوا على جملة هذا الفصل من السنة، وجعلوها في كتب السنة، ويشهد لهذا الفصل المجموع من السنة كتب الأئمة، فأول ذلك: كتاب السنة عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وكتاب السنة لأبي مسعود ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، وكتاب السنة لعبد الله بن محمد بن النعمان ، وكتاب السنة لأبي عبد الله محمد بن يوسف البنا الصوفي رحمهم الله أجمعين.

ثم كتب السنن للآخرين مثل أبي أحمد العسال ، وأبي إسحاق إبراهيم بن حمزة الطبراني ، وأبي الشيخ ، وغيرهم ممن ألفوا كتب السنة، فاجتمع هؤلاء كلهم على إثبات هذا الفصل من السنة، وهجران أهل البدعة والضلالة، والإنكار على أصحاب الكلام والقياس والجدال، وأن السنة هي: اتباع الأثر والحديث، والسلامة والتسليم، والإيمان بصفات الله -عز وجل- من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل، [ ص: 243 ] ولا تأويل؛ فجميع ما ورد من الأحاديث في الصفات مثل: أن الله -عز وجل- خلق آدم على صورته، ويد الله على رأس المؤذنين، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، وأن الله -عز وجل- يضع السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، وسائر أحاديث الصفات، فما صح من أحاديث الصفات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اجتمع الأئمة على أن تفسيرها قراءتها، قالوا: " أمروها كما جاءت "، وما ذكر الله في القرآن مثل قوله -عز وجل-: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ، وقوله -عز وجل-: وجاء ربك والملك صفا صفا . كل ذلك بلا كيف ولا تأويل، نؤمن بها إيمان أهل السلامة والتسليم لأهل السنة، والسلامة واسعة بحمد الله ومنه، وطلب السلامة في معرفة صفات الله -عز وجل- أوجب وأولى، وأقمن وأحرى؛ فإنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فليس كمثله شيء ينفي كل تشبيه وتمثيل، وهو السميع البصير، ينفي كل تعطيل وتأويل، فهذا مذهب أهل السنة والجماعة والأثر، فمن فارق مذهبهم فارق السنة، ومن اقتدى بهم وافق السنة، [ ص: 244 ] ونحن بحمد الله من المقتدين بهم، المنتحلين لمذهبهم، القائلين بفضلهم، جمع الله بيننا وبينهم في الدارين؛ فالسنة طريقتنا، وأهل الأثر أئمتنا، فأحيانا الله عليها، وأماتنا برحمته، إنه قريب مجيب ".

التالي السابق


الخدمات العلمية