صفحة جزء
فصل

يدل على أن القرآن كلام الله وكلامه غير مخلوق

152 - أخبرنا الحسين بن أحمد السمرقندي في كتابه، أنا إسماعيل الصابوني ، أنا أبو طاهر بن خزيمة ، نا أبو بكر بن خزيمة ، نا محمد بن يحيى ، نا سريج بن النعمان صاحب اللؤلؤ، (عن ابن أبي الزناد) ، عن أبي الزناد ، عن عروة بن الزبير ، عن نيار بن مكرم الأسلمي صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لما نزلت: الم غلبت الروم في أدنى الأرض إلى آخر الآيتين خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فقال رؤساء مشركي مكة : يا ابن أبي قحافة هذا مما أتى به صاحبك قال: لا والله، ولكنه كلام الله وقوله. قالوا: فهذا بيننا وبينك: إن ظهرت الروم على فارس في بضع سنين فتعال نناحبك، يريدون نراهنك، وذلك قبل أن ينزل في الرهان ما نزل، فراهنوا أبا بكر -رضي الله عنه- ووضعوا رهانهم على يدي فلان بن فلان، ثم بكروا فقالوا: يا أبا بكر البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فاقطع بيننا وبينك شيئا ننتهي إليه .

قال أهل السنة: التلاوة التي تظهر عند حركات الفم هي المتلو، [ ص: 292 ] والقراءة هي المقروء، وقالت الأشعرية : التلاوة غير المتلو، والقراءة غير المقروء؛ فإن التلاوة والقراءة مخلوقة، وعندهم: القرآن عبارة عن الحروف، والأصوات، والسور، والآيات وليس هذا بقديم عندهم، واستدل أهل السنة بقوله تعالى إخبارا عنقريش : إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر فتوعد بالنار على قولهم: هذا قول البشر، ومعلوم أن قريشا أشارت بهذا القول إلى التلاوات التي سمعوها من النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن أصحابه، فدل على أنها ليست قول البشر، واستدلوا بما روي عن جابر -رضي الله عنه-:

153 -: قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول: " هل رجل يحملني إلى قومه؛ فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ". وعندهم لم يكن مبلغا لكلام ربه، وإنما بلغ تلاوة كلامه، ولأن المسلمين إذا سمعوا قراءة القارئ قالوا: هذا كلام الله، واستدلوا بما قدمناه من حديث نيار بن مكرم (الأسلمي) .

التالي السابق


الخدمات العلمية