صفحة جزء
فصل

قال بعض العلماء في البيان عن تشبيه المعتزلة (والجهمية) ومن يذهب مذهبهم وأن أصحاب الحديث ليسوا بمشبهة قالوا: إن الله تعالى لا يشاء المعاصي لعباده، ثم يعاقبهم عليها، لأن الحكيم العاقل من المخلوقين [ ص: 300 ] لا يجوز هذا، ولأن هذا داخل في باب الظلم: وكل مخلوق أتى مثل هذا سمي ظالما، فيقيسون أمر الله -تعالى- على أمر المخلوق، ويشبهون الله بالمخلوق، وكذلك قول من قال: إن الخالق لا يسمى خالقا، والرازق لا يسمى رازقا، حتى يخلق ويرزق ويحصل منه الخلق والرزق، وقالوا: إنما قلنا هذا لأن العقل والمشاهدة ينكران (أن) يتسمى أحد بأنه فاعل، أو يتحلى بالفعل إذا خلا عن الفعل في الحال، وإذا صح هذا (صح) أن الله -تعالى- لا يتصف بالخالق، والرازق، ما لم يخلق ويرزق، فيقيسون الخالق بالمخلوق، ويشبهونه به ويقولون: إن الخالق، والرازق وأشباههما من صفات الله تعالى، صفات للفعل لا صفات للذات. وإذا كان الفعل موصوفا بصفة لم تحصل الصفة حتى يحصل الفعل، وهذا إنما يصح في فعل المخلوق، لا في فعل الخالق، وفعل الخالق لا يشبه فعل المخلوق. وقال أهل اللغة: الفعل لا يوصف، لا يقال: فعل قائم، ولا يفعل مقبل، ولكن يقال: زيد ضارب، وعمرو ذاهب، فقولهم: الخالق والرازق: صفة للفعل خطأ، وإنما ذلك صفة للذات.

التالي السابق


الخدمات العلمية