صفحة جزء
فصل

237 - روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي قراءة القرآن ".

فلو كانت القراءة غير المقروء لكان التقدير: لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي كلام الناس، وهذا ما لا فائدة فيه، ولأن الأمة أجمعت على أن من حلف بالطلاق أن لا يتكلم فقرأ القرآن لم يحنث، ولو كانت القراءة كلام الآدمي لحنث. وقد قال الله -تعالى- إخبارا عن قريش حين قالوا: إن هذا إلا قول البشر ، فقال ردا على من قال ذلك: سأصليه سقر فتواعده بالنار على قولهم: إن هذا إلا قول البشر . ومعلوم أن قريشا أشارت بهذا القول إلى التلاوة التي سمعوها من النبي -صلى الله عليه وسلم- فلو كانت كلام البشر لم [ ص: 401 ] يجز أن يتواعدهم بسقر، فلما تواعدهم على ذلك دل على أنها ليست بقول البشر، ولأن قيام المعجز وثبوت الحرمة، ومنع الجنب من قراءتها تدل على معنى القدم فيها.

قال بعض أهل اللغة: لا فرق بين قول القائل: قرأت قرآنا، وبين قوله: قرأت قراءة، في أنهما مصدران، كقولهم: عرفت فلانا معرفة وعرفانا، فإذا ثبت أنه لا فرق بين قولهم: قرأت قرآنا، وقرأت قراءة ثبت أنها غير مخلوقة؛ لأن القرآن غير مخلوق.

والدليل على أن الكتابة هي المكتوب، وأن ما في المصاحف كلام الله بعينه بخلاف قول من قال: " ما فيه كتابة القرآن ". قال الله تعالى: إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون . وقال: والطور وكتاب مسطور في رق منشور . و " في " عند أهل اللغة للوعاء، ولأن الأمة مجمعة على تسمية ما في المصحف قرآنا، ولأن المحدث يمنع من مسه، ولو لم يكن فيه قرآن لم يمنع من مسه.

التالي السابق


الخدمات العلمية