صفحة جزء
فصل

قال أبو الشيخ رحمه الله: ذكر الفرق بين الإيمان والإسلام

[ ص: 147 ] 85 - أخبرنا أحمد بن عبد الغفار ، أنا أبو بكر بن أبي نصر ، نا أبو محمد بن حبان ، نا عبد الله بن أحمد بن أسيد ، نا الأثرم ، نا أبو الوليد ، نا سلام بن أبي مطيع قال: سمعت معمرا ، عن الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم قسما فأعطى ناسا، ومنع الآخرين. فقلت يا رسول الله: أعطيت فلانا وفلانا ومنعت فلانا وهو مؤمن فقال: " لا تقل مؤمن، قل مسلم " قال ابن شهاب ": قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا .

[ ص: 148 ] وفي رواية: قال الزهري: نرى أن الإسلام: الكلمة، والإيمان العمل.

قال: وحدثنا أبو الشيخ ، نا سلم بن عصام ، نا رسته قال: " سألت عبد الرحمن عن الإيمان والإسلام هما واحد؟ قال: هما شيئان واحتج في ذلك بالحديث حيث:

86 - سأل جبريل عليه السلام عن الإسلام والإيمان فأجابه في هذا بقول، وفي هذا بقول.

وروي أن حماد بن زيد كان يفرق بين الإيمان والإسلام، يجعل الإسلام عاما، والإيمان خاصا.

وقال مالك بن أنس ، وشريك ، وحماد بن سلمة: الإيمان المعرفة، والإقرار، والعمل.

87 - قال: وحدثنا أبو الشيخ ، نا محمد بن يحيى بن منده ، نا بندار ، نا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة عن أبيه [ ص: 149 ] قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المقابر قال: " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ".

قال أبو الشيخ: ذكر حدود الإيمان وأعلاها، وأدناها، وحقوقها، وشعبها .

88 - حدثنا إسحاق بن أحمد ، نا إسماعيل بن يزيد ، نا يحيى بن سليم ، نا محمد بن عجلان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الإيمان بضع وسبعون بابا، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها رفع الأذى عن الطريق ".

89 - قال: وحدثنا أحمد بن خالد الرازي ، نا محمد بن يحيى النيسابوري ، نا يعلى بن عبيد ، نا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن عبد الله بن ضمرة عن كعب ، قال: من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وسمع وأطاع فقد توسط الإيمان، ومن أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان.

قال: وحدثنا عبد الله بن محمد بن عمران ، وأحمد بن إسحاق قالا: نا ابن أبي عمر ، نا سفيان ، عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال: من صدق الإيمان وبره إسباغ الوضوء في المكاره، ومن صدق الإيمان وبره أن يخلو الرجل بالمرأة الجميلة فيدعها لا يدعها إلا لله.

[ ص: 150 ] قال سفيان: وعد أمورا من صدق الإيمان وبره.

قال: وحدثنا محمد بن الحسين الطبركي ، نا محمد بن مهران الجمال نا أبو نعيم عن سفيان ، عن رجل قد سماه لي .

قال: قال عمر بن عبد العزيز: الإيمان فرائض وشرائع وسنن، فمن استكملهن استكمل الإيمان، ومن لم يستكملهن لم يستكمل الإيمان فإن أعش فسأبينهن لكم، وأن أمت فما أنا بحريص على صحبتكم.

قال: وحدثنا محمد بن الحسين ، نا محمد بن مهران ، نا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق قال: قال الأوزاعي: يقولون إن فرائض الله على عباده ليس من الإيمان، وإن برهم وفاجرهم فيه سواء، وما هكذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغنا.

90 - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " الإيمان بضع وستون أو سبعون جزءا، أولها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان ".

وقال الله عز وجل: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه . والدين: هو التصديق وهو الإيمان والعمل. [ ص: 151 ] ووصف الله الدين قولا وعملا فقال الله عز وجل: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين . والتوبة من الشرك هي الإيمان .

قال: وحدثنا عبد الله بن سليمان ، نا العباس بن الوليد ، حدثني أبي قال: سمعت الأوزاعي قال: سمعت يحيى بن أبي كثير ، يقول إن الله عز وجل لم يبعث نبيا قط إلا بهؤلاء الخمس: التوحيد، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت، وشرائع بعد.

91 - قال: وحدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي ، حدثني أبو عبد الرحيم الجوزجاني ، نا عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله عز وجل: ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم . قال: بعث الله عز وجل نبيه - صلى الله عليه وسلم -، بشهادة أن لا إله إلا الله ، فلما صدق به المؤمنون زادهم الصلاة، فلما صدقوا به زادهم الزكاة، فلما صدقوا بها زادهم الصيام، فلما صدقوا به زادهم الحج، فلما صدقوا به زادهم الجهاد، ثم [ ص: 152 ] أكمل لهم دينهم فقال: اليوم أكملت لكم دينكم .

قال: وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، نا أبو زرعة ، نا عثمان بن أبي شيبة ، نا حكام ، عن الحسن بن عميرة قال: قيل للحسن: إن ناسا يقولون: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. قال: من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.

قال: وحدثنا إسحاق بن أحمد ، نا محمد بن أبان البلخي ، نا عبد الملك بن عبد الرحمن الصنعاني ، عن محمد بن سعيد بن رمانة ، عن أبيه قال: قيل لوهب بن منبه: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: نعم، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فمن جاء به بأسنانه فتح، وإلا لم يفتح.

92 - قال: وحدثنا محمد بن الحسين ، نا محمد بن مهران ، نا مهران ، نا [ ص: 153 ] عيسى بن يونس ، عن عوف ، عن عبد الله بن عمرو بن هند الجملي قال: قال علي - رضي الله عنه - الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب، فكلما ازداد الإيمان عظما ازداد القلب بياضا، فإذا استكمل الإيمان، ابيض القلب كله. وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب فكلما ازداد النفاق ازداد القلب سوادا. فإذا استكمل النفاق اسود القلب كله.

وأيم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لرأيتموه أبيض، وإن شققتم عن قلب منافق لرأيتموه أسود. قال الشيخ الإمام حرسه الله: اللمظة: النكتة، والنقطة.

التالي السابق


الخدمات العلمية