صفحة جزء
فصل

قال بعض علماء السنة: العقل نوعان: عقل أعين بالتوفيق، وعقل كيد بالخذلان. فالعقل الذي أعين بالتوفيق يدعو صاحبه إلى موافقة أمر الأمر المفترض الطاعة والانقياد لحكمه، والتسليم لما جاء عنه، وترك الالتفات إلى ما خالف أمره أو وافق نهيه غير طالب لذلك علة غير ثبوت الأمر والنهي، فيسعد باتباع الأمر واجتناب النهي.

والعقل الذي كيد: يطلب بتعمقه الوصول إلى علم ما استأثر الله بعلمه وحجب أسرار الخلق عن فهمه، حكمة منه بالغة ليعرفوا عجزهم عن درك غيبه ويسلموا لأمره طائعين، ويقولون كما قالت الملائكة: لا علم لنا إلا ما علمتنا . فتفرقت بهؤلاء القوم الذين ادعوا أن العقل يهديهم إلى الصواب، السبل والأهواء، وتلاعب بهم الشيطان فزين الباطل في قلوبهم، فلم يصلوا إلى برد اليقين، وصدوا عن الصراط المستقيم .

قال: وإذا تأملت تعمقهم في التأويلات المخالفة لظاهر الكتاب والسنة وعدولهم عنهما إلى زخرف القول والغرور، لتقوية باطلهم، وتقريبه إلى القلوب الضعيفة، لاح لك الحق، وبان الصدق فلا تلتفت إلى ما أسسوه. ولا تبال بما زخرفوه، والزم نص الكتاب، وظاهر الحديث الصحيح اللذين هما أصول الشرعيات تقف على الهدى المستقيم.

التالي السابق


الخدمات العلمية