صفحة جزء
فصل في مسألة المعدوم، والموجود

وقعت هذه المسألة بين ابن سالم ، وبين جماعة، وردوا عليه.

[ ص: 426 ] قال ابن سالم: إن الله عز وجل رأى خلقه قبل أن يخلقهم كما رآهم بعد ما خلقهم فقال الذين ردوا عليه: من قال هذا فقد قال بقدم العالم، ثم بعد ذلك كتبوا محضرا، وأثبتوا فيه خطوط مشايخ أصبهان منهم أبو الشيخ ، ومن معه واتفقوا في هذه المسألة على السكوت، ثم تكلم أبو الفتح بن زنكلة الخاني فيها في أيام أبي عبد الله بن مندة فرد عليه فيما أملاه ردا شديدا، ومذهب أهل السنة، والمقتدين بالسلف أن الله تعالى كان ولا شيء، معه وهو الأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخرته انقضاء. قال الله عز وجل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وقال: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وقال: كل شيء هالك إلا وجهه لم يزل ربنا عز وجل ولا يزال، وكان أبدا عالما سميعا بصيرا. قال عز وجل: إنه كان بعباده خبيرا بصيرا . فهذا يدل على أنه سبحانه بصير بخلقه قبل أن يخلقهم، بصير بأعمالهم قبل أن يخلقهم، فمن قال: بصره في خلقه محدث فقد كفر، خلق الخلق بعلمه وبصره فيهم، وكانوا معدومين [ ص: 427 ] فأوجدهم، ولم يتغيروا عما كانوا في علم الله وبصره فيهم، وما زاد في علم الله وبصره ما نقص بعد وجودهم لأنه لا تخفى عليه خافية، وفعله وصنعه بخلاف صنع العباد وفعلهم، يصنع العبد شيئا على أصل كان قبله، أو قياس شيء بشيء، والله تعالى يحدث في خلقه ما يشاء، ولا تغيير في علمه، ولا إحداث في صفته.

فمذهب أهل السنة إثبات صفات الله الأزلية، ونفي قدم العالم، ونفي تشبيه صفته بصفة خلقه فمن قال: إن الله لم ير خلقه حتى خلقهم ثم رآهم فقد قال: بإحداث الصفة، ومن تفكر في الله وفي صفاته ضل ومن تفكر في خلق الله وآياته ازداد إيمانا، وقد ذكرنا فيما تقدم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -:



444 - "تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في الله". وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

445 - "ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يقولوا هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ فإذا سئلتم فقولوا: الله قبل كل شيء". وفي رواية: "فقولوا: الله أحد الله الصمد لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ثم ليتفل عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان".

[ ص: 428 ] 446 - وروي: "شر الأمور محدثاتها".

447 - وروي: "إن الأمر المفظع ، والحمل المضلع ، والشر الذي الذي لا ينقطع إظهار البدع".

448 - وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر".

وقال الأوزاعي: "عليك بآثار من سلف، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه بالقول، فإن الأمر ينجلي، وأنت على طريق مستقيم".

وقال علماء السلف: "السنة: العمل بالكتاب، والسنة الاقتداء بصالح السلف واتباع الأثر".

قالوا: "ولا يستحي إذا سئل عما لا علم له به أن يقول: لا أعلم".

التالي السابق


الخدمات العلمية