صفحة جزء
فصل

آخر في ذم الأئمة لعلم الكلام

أخبرنا طلحة بن الحسين الصالحاني ، أنا جدي أبو ذر الصالحاني ، نا أبو الشيخ ، نا أبو محمد بن أبي حاتم ، نا يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول: " لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك بالله خير له من النظر في الكلام؛ فإني قد اطلعت من أهل الكلام على أشياء ما ظننته قط ".

[ ص: 208 ] قال: وحدثنا أبو الشيخ ، نا عبد الرحمن بن داود ، عن حرملة عن الشافعي قال: " فر من الكلام كما تفر من الأسد ". وقال: " العلم بالكلام جهل به" وقال: " ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح ".

قال: وحدثنا أبو الشيخ ، نا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: قال أحمد بن حنبل فيما كتب إلى المتوكل: " لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان في كتاب الله، أو حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه، أو عن التابعين، فأما غير ذلك فالكلام فيه غير محمود ".

قال: وحدثنا أبو الشيخ قال: حكى أبو زرعة قال: " كان الشافعي يكره الكلام كله، ولم يضع كتاب الكلام "، وقال: " آخر صاحب الكلام إلى الزندقة ".

قال أبو الشيخ : وحكى المزني عن الشافعي قال: " عليك بالفقه، وإياك والكلام، فلأن يقال لك: أخطأت خير من أن يقال لك: كفرت ".

قال: وحدثنا أبو الشيخ قال: قال زكريا الساجي : حدثني محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا ثور ، وحسنا يقولان: سمعنا الشافعي -رحمه الله- يقول: " حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، وينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام.

قال: وحدثنا أبو الشيخ قال: وحكى أبو بكر بن أبي داود قال: سمعت أحمد بن سنان الواسطي يقول: كان الوليد الكرابيسي خالي، وكان من أعلم [ ص: 209 ] الناس بالكلام، ويقال: إن حسينا الكرابيسي تعلم منه، فلما حضرته الوفاة، قال له بنوه: أوصنا، قال: أوصيكم بواحدة، إن لزمتموها كنتم بخير، هل تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا، قال: فعليكم بما عليه أصحاب الحديث؛ فإني رأيت الحق يدور معهم، لست أعنيكم أصحاب القلانس، ولكن هؤلاء الممزقين، ألم تروا إلى الواحد منهم يجيء إلى الرجل الجليل فيبدعه، ويمزق في وجهه .

[ ص: 210 ] [ ص: 211 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية