باب الولاية قال الله تعالى :
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14539حمزة بن يوسف السهمي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13357عبد الله بن عدي الحافظ قال : حدثنا
أبو بكر محمد بن هارون بن حميد قال : حدثنا
محمد بن هارون المقري قال : حدثنا
حماد الخياط ، عن
عبد الواحد بن ميمون مولى عروة ، عن
عروة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=705842عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يقول الله تعالى : من آذى لي وليا فقد استحل محاربتي ، وما تقرب إلي العبد بمثل أداء ما افترضت عليه ، ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، وما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن لأنه يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه
قال الأستاذ
أبو القاسم : الولي له معنيان : إحداهما : فعيل بمعنى مفعول وهو من يتولى الله سبحانه أمره الله تعالى : وهو يتولى الصالحين فلا يكله إلى نفسه لحظة بل يتولى الحق سبحانه رعايته ،
والثاني : فعيل مبالغة من الفاعل وهو الذي يتولى عبادة الله تعالى وطاعته فعبادته تجري على التوالي من غير أن يتخلاها عصيان ، وكلا الوصفين واجب حتى يكون الولي وليا بحب قيامه بحقوق الله تعالى على الاستقصاء والاستيفاء ودوام حفظ الله تعالى إياه في السراء والضراء ،
ومن شرط الولي أن يكون محفوظا كما أن
من شرط النبي أن يكون معصوما فكل من كان للشراع عليه اعتراض فهو مغرور مخدع ،
سمعت الأستاذ
أبا علي الدقاق يقول : قصد
أبو يزيد البسطامي بعض من
[ ص: 417 ] وصف بالولاية ، فلما وافى مسجده قعد ينتظر خروجه فخرج الرجل وتنخم في المسجد فانصرف
أبو يزيد ولم يسلم عليه وقال هذا رجل غير مأمون على أدب من آداب الشريعة ، فكيف يكون أمينا على أسرار الحق واختلفوا في أن
الولي هل يجوز أن يعلم أنه ولي أم لا ،
فمنهم من قال لا يجوز ذلك وقال إن الولي يلاحظ نفسه بعين التصغير ، وإن ظهر عليه شيء من الكرامات خاف أن يكون مكرا وهو يستشعر الخوف دائما أبدا ، وإنما يخاف سقوطه عما هو فيه ، وأن تكون عاقبته بخلاف حاله ، وهؤلاء يجعلون
من شرط الولاية وفاء المآل ،
وقد ورد في هذا الباب حكايات كثيرة عن الشيوخ وإليه ذهب من شيوخ هذه الطائفة جماعة لا يحصون ولو اشتغلنا بذكر ما قالوا لخرجنا عن حد الاختصار ، وإلى هذا كان يذهب من شيوخنا الذين لقيناهم الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13428أبو بكر بن فورك ، ومنهم من قال يجوز أن يعلم الولي أنه ولي وليس من شرط تحقيق الولاية في الحال الوفاء في المآل ، ثم إن كان ذلك من شرطه أيضا فيجوز أن يكون هذا الولي خص بكرامة هي تعريف الحق إياه أنه مأمون العاقبة إذ القول بجوز
كرامات الأولياء واجب وهو وإن فارقه خوف العاقبة فما هو عليه من الهيبة والتعظيم والإجلال في الحال أتم وأشد فإن اليسير من التعظيم والهيبة أهدى للقلوب من كثير من الخوف ولما قال صلى الله عليه وسلم عشرة في الجنة من أصحابه فالعشرة لا محالة صدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفوا سلامة عاقبتهم ثم لم يقدح ذلك في حالهم ولأن من شرط صحة المعرفة بالنبوة الوقوف على حد المعجزة ويدخل في جملته العلم بحقيقة الكرامات فإذا رأى الكرامات ظاهرة عليه لا يمكنه أن لا يميز بينها وبين غيرها فإذا رأى شيئا من ذلك علم أنه في الحال على الحق ثم يجوز أن يعرف أنه في المآل يبقى على هذه الحالة ويكون هذا التعريف كرامة له ، والقول بكرامات الأولياء صحيح ،
[ ص: 418 ] وكثير من حكايات القوم تدل على ذلك كما نذكر طرفا من ذلك في باب
كرامات الأولياء إن شاء الله تعالى وإلى هذا القول كان يذهب من شيوخنا الذين لقيناهم الأستاذ
أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى ،
وقيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم قال لرجل أتحب أن تكون لله وليا ؟ فقال : نعم فقال : لا ترغب في شيء من الدنيا والآخرة وفرغ نفسك لله تعالى وأقبل بوجهك عليه ليقبل عليك ويواليك وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ في
صفة الأولياء : هم عباد تسربلوا بالأنس بعد المكابدة واعتنقوا الروح بعد المجاهدة بوصولهم إلى مقام الولاية ،
سمعت الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14510أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17156منصور بن عبد الله يقول : سمعت عمي
البسطامي يقول : سمعت أبي يقول : سمعت
أبا يزيد يقول : أولياء الله عرائس الله تعالى ولا يرى العرائس إلا المحرمون فهم مخدرون عنده في حجاب الأنس لا يراهم أحد في الدنيا ولا في الآخرة ،
سمعت
أبا بكر الصيدلاني وكان رجلا صالحا قال : كنت أصلح اللوح في قبر
أبي بكر الطمستاني أنقر فيه اسمه في مقبرة الحيرة كثيرا وكان يقام ذلك اللوح ويسرق ولم يقلع من غيره من القبور فكنت أتعجب منه فسألت الأستاذ
أبا علي الدقاق رحمه الله يوما عن ذلك فقال : إن ذلك الشيخ آثر الخفاء في الدنيا وأنت تريد أن تشهر قبره باللوح الذي تصلحه فيه وإن الحق سبحانه يأبى إلا إخفاء قبره كما آثر هو ستر نفسه وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12080أبو عثمان المغربي : الولي قد يكون مشهورا ولكن لا يكون مفتونا ،
سمعت الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14510أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15406النصراباذي يقول : ليس للأولياء سؤال إنما هو الذبول والخمول قال : وسمعته يقول :
نهايات الأولياء بدايات الأنبياء وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله : الوالي الذي توالت أفعاله على الموافقة
[ ص: 419 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ : الولي لا يرائي ولا ينافق وما أقل صديق من كان هذا خلقه وقال
أبو علي الجوزجاني : الولي هو الفاني في حاله الباقي في مشاهدة الحق سبحانه تولى الله سياسته فتوالت عليه أنوار التولي لم يكن له عن نفسه إخبار ولا مع غير الله قرار وقال
أبو يزيد : حظوظ الأولياء مع تباينها من أربعة أسماء وقيام كل فريق منهم باسم منها وهو الأول والآخر والظاهر والباطن فمتى فني عنها بعد ملابستها فهو الكامل التام فمن كان حظه من اسمه الظاهر لاحظ عجائب قدرته ومن كان حظه من اسمه الباطن لاحظ ما جرى في السرائر من أنواره ومن كان حظه من اسمه الأول كان شغله بما سبق ومن كان حظه من اسمه الآخر كان مرتبطا بما يستقبله وكل كوشف على قدر طاقته إلا من تولاه الحق سبحانه ببره وقام عنه بنفسه وهذا الذي قاله
أبو يزيد يشير إلى أن الخواص من عباده ارتقوا عن هذه الأقسام فلا العواقب هم في ذكرها ولا السوابق هم في فكرها ولا الطوارق هم في أسرها وكذا أصحاب الحقائق يكونون محوا عن نعوت الخلائق قال الله تعالى :
وتحسبهم أيقاظا وهم رقود
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ : الولي ريحان الله تعالى في الأرض يشمه الصديقون فتصل رائحته إلى قلوبهم فيشتاقون به إلى مولاهم ويزدادون عبادة على تفاوت أخلاقهم ،
وسئل
الواسطي كيف يغذى الولي في ولايته فقال : في بدايته بعبادته وفي كهولته بستره بلطافته ثم يجذبه إلى ما سبق له من نعوته وصفاته ثم يذيقه طعم قيامه به في أوقاته ، وقيل :
علامة الولي ثلاثة : شغله بالله تعالى وفراره إلى الله تعالى وهمه إلى الله عز وجل قال
nindex.php?page=showalam&ids=14204الخراز : إذا أراد الله تعالى أن يوالي عبدا من عبيده فتح عليه باب ذكره فإذا استلذ الذكر فتح عليه باب القرب ثم رفعه إلى مجلس الأنس به ثم أجلسه على كرسي التوحيد ثم رفع عنه الحجب وأدخله دار الفردانية وكشف له عن الجلال والعظمة فإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هوى فحينئذ صار العبد زمنا فانيا فوقع في حفظه سبحانه وبرئ من دعاوى نفسه ،
سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14510محمد بن الحسين يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17156منصور بن عبد الله يقول : سمعت
[ ص: 420 ] nindex.php?page=showalam&ids=12092أبا علي الروذباري يقول : قال
أبو تراب النخشبي : إذا ألف القلب الإعراض عن الله تعالى صحبته الوقيعة في أولياء الله تعالى ويقال :
صفة الولي أن لا يكون له خوف ، لأن الخوف ترقب مكروه يحل في المستقبل أو انتظار محبوب يفوت في المستأنف والولي ابن وقته ليس له مستقبل فيخاف شيء وكما لا خوف له لا رجاء له ، لأن الرجاء انتظار محبوب يحصل أو مكروه يكشف وذلك في الثاني من الوقت وكذلك لا حزن له ، لأن الحزن من حزونة الوقت ومن كان في ضياء الرضا وبرد الموافقة فأنى يكون له حزن قال الله تعالى :
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ ص: 421 ]