صفحة جزء
ومنهم أبو تراب عسكر بن حصين النخشبي صحب حاتما الأصم وأبا حاتم العطار المصري، مات سنة خمس وأربعين ومائتين ، قيل مات بالبادية نهسته السباع.

وقال ابن الجلاء: صحبت ستمائة شيخ ما لقيت فيهم مثل أربعة: أولهم أبو تراب النخشبي ، قال أبو تراب الفقير قوته ما وجده ، ولباسه ما ستره ، ومسكنه حيث نزل.

وقال أبو تراب: إذا صدق العبد في العمل وجد حلاوته قبل أن يعمله، فإذا أخلص فيه وجد حلاوته ولذته وقت مباشرة الفعل.

سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي رحمه الله يقول: سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول: كان أبو تراب النخشبي إذا رأى من أصحابه ما يكره زاد في اجتهاده وجدد توبته ويقول: بشؤمي دفعوا إلى ما دفعوا إليه، لأن الله عز وجل يقول: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .

قال: وسمعته يقول أيضا لأصحابه: من لبس منكم مرقعة فقد سأل، ومن قعد في خانقاه أو مسجد فقد سأل، ومن قرأ القرآن من مصحف أو كيما يسمع الناس فقد سأل، قال: وسمعته يقول: كان أبو تراب يقول: بيني وبين الله عهد أن لا أمد يدي إلى حرام إلا قصرت يدي عنه.

ونظر أبو تراب يوما إلى صوفي من تلامذته قد مد يده على قشر بطيخ وقد طوى ثلاثة أيام فقال له أبو تراب: تمد يدك على قشر البطيخ ، أنت لا يصلح لك التصوف ، الزم السوق. [ ص: 71 ]

سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت أبا عبد الله الفارسي يقول: سمعت أبا الحسين الرازي يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت أبا تراب النخشبي يقول: ما تمنت نفسي علي شيئا قط إلا مرة واحدة تمنت علي خبزا وبيضا وأنا في سفري ، فعدلت عن الطريق إلى قرية، فوثب رجل وتعلق بي وقال: كان هذا مع اللصوص فبطحوني وضربوني سبعين خشبة قال: فوقف علينا رجل صوفي فصرخ وقال: ويحكم هذا أبو تراب النخشبي فخلوني واعتذروا إلي وأدخلني الرجل منزله وقدم إلي خبزا وبيضا فقلت: كلها بعد سبعين جلدة.

وحكى ابن الجلاء قال دخل أبو تراب مكة طيب النفس فقلت: أين أكلت أيها الأستاذ؟ فقال: أكلة بالبصرة وأكلة بالنباج وأكلة ههنا. [ ص: 72 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية