ومن ذلك:
الحال
والحال عند القوم: معنى يرد على القلب من غير تعمد منهم ولا اجتلاب ولا اكتساب لهم من طرب أو حزن أو بسط أو قبض أو شوق أو انزعاج أو هيبة أو احتياج، فالأحوال مواهب والمقامات مكاسب، والأحوال تأتي من غير الوجود والمقامات تحصل ببذل المجهود وصاحب المقام ممكن في مقامه وصاحب الحال مترق عن حاله.
وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون المصري عن العارف، فقال: كان ههنا فذهب.
وقال بعض المشايخ: الأحوال كالبروق فإن بقي فحديث نفس.
وقالوا: الأحوال كاسمها يعني أنها كما تحل بالقلب تزول في الوقت، وأنشدوا:
لو لم تحل ما سميت حالا وكل ما حال فقد زالا انظر إلى الفيء إذا ما انتهى
يأخذ في النقص إذا طالا
وأشار قوم إلى
بقاء الأحوال ودوامها، وقالوا: إنها إذا لم تدم ولم تتوال، فهي لوائح وبواده، ولم يصل صاحبها بعد إلى الأحوال، فإذا دامت تلك الصفة فعند ذلك تسمى حالا. وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=12079أبو عثمان الحيري، يقول: منذ أربعين سنة ما أقامني الله تعالى في حال فكرهته أشار إلى دوام الرضا، والرضا من جملة الأحوال.
[ ص: 155 ] فالواجب في هذا أن يقال: إن من أشار إلى بقاء الأحوال فصحيح ما قال فقد يصير المعنى شربا لأحد فيربى فيه.
ولكن لصاحب هذه الحال أحوال هي طوارق لا تدوم فوق أحواله التي صارت شربا له فإذا دامت هذه الطوارق له كما دامت الأحوال المتقدمة ارتقى إلى أحوال أخر فوق هذه وألطف من هذه فأبدا يكون في الترقي.
سمعت الأستاذ
أبا علي الدقاق رحمه الله يقول في معنى قوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=661878إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله تعالى في اليوم سبعين مرة أنه كان صلى الله عليه وسلم أبدا في الترقي من أحواله فإذا ارتقى من حالة إلى حالة أعلى مما كان فيها فربما حصل له ملاحظة إلى ما ارتقى عنها فكان يعدها غينا بالإضافة إلى ما حصل فيها فأبدا كانت أحواله في التزايد.
ومقدورات الحق سبحانه من الألطاف لا نهاية لها فإذا كان حق الحق تعالى العز، وكان الوصول إليه بالتحقيق محالا فالعبد أبدا في ارتقاء أحواله فلا معنى يوصل إليه إلا وفي مقدوره سبحانه ما هو فوقه يقدر أن يوصله إليه وعلى هذا يحمل قولهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد عن هذا فأنشد:
طوارق أنوار تلوح إذا بدت فتظهر كتمانا وتخبر عن جمع
[ ص: 156 ]