صفحة جزء
الحديث الثالث .

باب: شن .

حدثنا مسدد، حدثنا حماد، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أسامة: "أتي النبي صلى الله عليه بابنة زينب ونفسها تقعقع كأنها في شنة، فدمعت عينه" .

حدثنا ابن عائشة، حدثنا حماد، عن حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه: "إذا حم أحدكم فليشن عليه الماء" .

حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد الله بن خبيب، عن جندب بن مكيث: "بعث رسول الله صلى الله عليه غالبا في سرية وأمره أن يشن الغارة على بني ملوح" .

[ ص: 869 ] حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا محمد بن طلحة، حدثنا زبيد، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عمرو بن شرحبيل: أحسبه عن عبد الله، قال: "لا تختلفوا في القرآن، فإنه لا يختلف فيه ولا يتشان" .

حدثنا عمرو، أخبرنا شعبة، عن خليد بن جعفر: سئل أنس عن شيب النبي، صلى الله عليه فقال: "ما كان الله تعالى ليشينه بشيء من الشيب" .

حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا شهاب بن خراش، حدثنا شعيب بن زريق، عن الحكم بن حزن الكلفي: "وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه فأمر لنا بشيء من التمر، والشأن إذ ذاك دون" .

حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد، عن عاصم بن كليب، وعن أبيه، عن ابن عباس [ ص: 870 ] : " قال عمر حين سألهم عن ليلة القدر: "أعجزتم أن تقولوا مثل ما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شوى رأسه" يعني شؤون رأسه " .

حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس: " دعاني عمر لي ولعثمان فإذا صبر من مال فقال: خذا فاقسما، فإن فضل فردا، فأما ابن عفان فحثا، وأما أنا قلت: إن كان نقصان رددت علينا، فقال: "نشنشة من أخشن" .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا ابن علية، حدثني أيوب المعلم: "لما انهزمنا من مسكن ركبت شنانا من قصب، فإذا الحسن على شاطئ دجلة فأدنيت الشنان فحملته" .

[ ص: 871 ] حدثنا أحمد بن منصور، عن رجل، عن أبي المتوكل النخلي، عن كعب: " يوشك أن يرفع، عنكم الطاعون، ويفيض فيكم شنان الشتاء، ثم تأتيكم حتوف لا تدرون ما هي قلت: يا أبا إسحاق، ما شنان الشتاء؟ قال: برده " قوله: "كأنها في شنة" سمعت أبا نصر يقول: الشن: ما يبس من القرب، وأنشدنا:


لو جر شن وسطها لم تجفل من شهوة الماء ورز معضل



وأنشدنا الأثرم:


كأنك من جمال بني أقيش     يقعقع بين رجليه بشن



وقال طفيل:


وقفت به أسائله ودمعي     يفيض كأنه شن هزيم

.

[ ص: 872 ] قال أبو عمرو: وقد شن هذا الجمل من العطش: أي يبس يشن شنونا وشنت قربتكم تشن إذا صارت شنة قوله: "فليشن عليه الماء" الشنين: قطران الماء من الشن قال الأخفش: الصب المتقطع، والسن الصب المتصل المتتابع وكذا قال لي ابن عائشة وقال الأصمعي: الشنان: الماء البارد قال:


بماء شنان زعزعت متنه الصبا     وجادت عليه ديمة بعد وابل



قوله: "أمرنا أن نشن الغارة" شنوا الخيل في الغارة: إذا بثوها، وشن عليه الدرع إذا صبها عليه قال زهير:


فلما تبلج ما حوله     أناخ فشن عليه السليطا



قوله: "لا يتشان" : أي يبغض شنئ يشنأ شنئا وقال: إن شانئك هو الأبتر .

[ ص: 873 ] حدثنا داود بن رشيد، عن مروان، عن جويبر، عن الضحاك: " شانئك : عدوك " .

أخبرنا سلمة، عن الفراء: شانئك : "مبغضك" .

أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: " شانئك : مبغضك " ومنه: ولا يجرمنكم شنآن قوم كان الحسن وقتادة يقولان: بغض قوم .

أخبرنا الأثرم عن أبي عبيدة: " شنآن قوم : بغض قوم "واختلفت القراء في" شنآن "، فحرك بعضهم النون الأولى، وجزمها بعض فكان ممن حركها: قتادة، وأبو عمرو، والأعمش، وحمزة، وابن أبي إسحاق، وعيسى وكان ممن جزم: عاصم، وشيبة، وأبو جعفر، ونافع، والحسن أخبرنا أبو عمر عن الكسائي: يثقل ويخفف من شنئت أشنأ شنآنا وشنوءا وشنأ .

[ ص: 874 ] أخبرنا سلمة عن الفراء: إذا كان مصدرا ثقل، فإذا أردت بغيض قوم قلت: شنآن. وأنشدنا الأثرم، عن أبي عبيدة:


وما العيش إلا ما يلذ ويشتهى     وإن لام ذو الشنآن فيه وفندا



وقال آخر:


ومن شانئ كاسف باله     إذا ما انتسبت له أنكرن



أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: التشنين: أن تلين أرساغ الفرس حتى تصيب الأرض قوله: "وما كان الله ليشينه بالشيب" الشين " خلاف الزين قال:


أرض توارثها شعوب     فكل من حلها محروب
إما قتيلا وإما هالكا     والشيب شين لمن يشيب

.

[ ص: 875 ] قوله: والشأن إذ ذاك دون " الشأن: الخطب الجميع شؤون قوله: "لم يجتمع شؤون رأسه" عن أبي نصر، عن الأصمعي: الشؤون: مواصل القبائل، بين كل قبيلتين شأن، وهي أربع بعضها إلى بعض. قال ابن الأعرابي: وللنساء ثلاثة، والدموع تخرج من الشؤون قال:


لا تحزنيني بالفراق فإنني     لا تستهل من الفراق شؤوني



وقال آخر:


ترى شؤون رأسه العواردا     مضبورة إلى شبا حدائدا



ضبر براطيل إلى جلامدا قال أبو عمرو: الشأنان: عرقان من الرأس إلى العين وقال عبيد:


عيناك دمعهما سروب     كأن شأنيهما شعيب

.

[ ص: 876 ] فهذا حجة لأبي عمرو، وإن كان الشؤون واحد شأن مجتمع قبائل الرأس فهي أربعة كما قال الأصمعي، وهي حجة لقوله " لا تستهل من الفراق شؤوني وأما قوله: "شوى رأسي" فالشواة: جلد الرأس وذلك وهم من المحدث، الجلدة مجتمعة، وإنما يجتمع ما هو متفرق وذلك فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: أن اليأفوخ: حيث التقى عظم مقدم الرأس وعظم مؤخره، حيث يكون لينا من الصبي يقال له من الصبي قبل يتلاقى العظمان اللماعة والرماعة، والنمغة فكأن عمر قال: إنه صغير لم يتلاقيا عظما رأسه، وذلك منه على غاية الوصف قوله: "نشنشة" أراد شنشنة، أي غريزة وطبيعة، وقال عقيل بن علفة حين حرجه بنو بنيه:


إن بني ضرجوني بالدم     من يلق أبطال الرجال يكلم



شنشنة أعرفها من أخزم .

[ ص: 877 ] يعني أباهم، فإنه كان فعل به مثل ذلك والشعر لأبي أخزم الطائي قوله: "وافق شنا طبقه" قال الأصمعي: ومثل من الأمثال: وافق شنا طبقه قوم كان لهم وعاء من أدم فتشنن، فجعلوا له طبقا فوافقه ويقال: شن: قبيلة من عبد القيس، وطبق: حي من إياد، واتفقوا على أمر ويقال: كان الحيان رماة فاقتتلوا فقيل ذلك لأن كل واحد منهما وافق شكله ونظيره قوله: "ركبت شنانا من قصب" هو كهيئة الطوف، كلمة فارسية، وهو بالعربية: الأرماث، فيما أخبرني أبو نصر: خشب يشد بعضه إلى بعض ويركب وأما شنان الشتاء: البرد فلم أسمعه إلا في هذا الحديث .

[ ص: 878 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية