صفحة جزء
ومنها ما أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن [ ص: 286 ] جعفر ، ثنا يعقوب بن سفيان ، ثنا عبيد الله بن موسى، وعبد الله بن رجاء أبو عمرو الغداني (ح) .

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا محمد بن سليمان بن الحارث ، ثنا عبيد الله بن موسى، وعبد الله بن رجاء، قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب، قال: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمله إلى رحلي، فقال له عازب: لا حتى تحدثني كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكما، قال: أدلجنا من مكة ليلا فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه فإذا صخرة فانتهيت إليها فإذا بقية ظل لها قال: فسويته ، ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروة ثم قلت اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم ذهبت إليه أنفض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا ، فإذا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أريد - يعني الظل - فسألته، فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ فقال لرجل من قريش ، فسماه ، فعرفته فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمرته ، فاعتقل شاة من غنمه وأمرته أن ينفض ضرعها من التراب ، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال: هكذا ، فضرب إحدى كفيه على الأخرى ، فحلب لي كثبة من لبن وقد رويت معي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافقته وقد استيقظ فقلت: اشرب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشرب حتى رضيت ، ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله، قال: فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن [ ص: 287 ] مالك بن جعشم على فرس له فقلت: هذا الطلب لقد لحقنا يا رسول الله، قال: "لا تحزن إن الله معنا" ، فلما دنا منا وكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاثة قلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، وبكيت، فقال: "ما يبكيك" ؟ فقلت: أما والله ما على نفسي أبكي ولكنني إنما أبكي عليك، قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم اكفناه بما شئت" ، قال فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ، ثم قال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه؛ فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب ، وهذه كنانتي فخذ منها سهما؛ فإنك ستمر بإبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حاجة لنا في إبلك وغنمك" ، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق راجعا إلى أصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا ورواه زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن أبي بكر قال فيه: واتبعنا سراقة بن مالك ونحن في جلد من الأرض ، فقلت يا رسول الله، أتينا، فقال: لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فارتطمت فرسه إلى بطنها .

ورواه الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك المدلجي، عن أبيه، عن سراقة ، فذكر قصة خروجه خلف النبي صلى الله عليه وسلم، قال: حتى سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر التلفت، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغت الركبتين ، فخررت عنها ، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يداها ، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، قال: فعرفت أنه منع مني وأنه ظاهر [ ص: 288 ] والأحاديث في دعائه على آحاد المشركين، ودعائه لآحاد المسلمين، واستسقائه، ودعائه بالحبس وإجابة الله تعالى إياه فيما سأل [ ص: 289 ] كثيرة ، وهي في كتاب الدلائل بأسانيدها مذكورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية