صفحة جزء
ومنها ما أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن أبي الزبير ، عن جابر، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز تباعد حتى لا يراه أحد ، فنزلنا منزلا بفلاة من أرض ليس فيها علم ولا شجر، فقال لي: "يا جابر ، خذ الإداوة وانطلق بنا" ، فملأت الإداوة ماء وانطلقنا فمشينا حتى لا نكاد نرى فإذا شجرتان بينهما أذرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا جابر، انطلق فقل لهذه الشجرة: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما" ، ففعلت ، فزحفت حتى لحقت بصاحبتها ، فجلس خلفهما حتى قضى حاجته ، ثم رجعنا فركبنا رواحلنا فسرنا فكأنما علينا الطير تظلنا ، فإذا نحن بامرأة قد عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم معها صبي تحمله [ ص: 290 ] ، فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتناوله ، فجعله بينه وبين مقدمة الرحل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسأ عدو الله، أنا رسول الله" ، فأعاد ذلك ثلاث مرات ، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا ، فكنا بذلك الماء عرضت لنا المرأة معها كبشان تقودهما والصبي تحمله، فقالت: يا رسول الله، اقبل مني هديتي؛ فوالذي بعثك بالحق نبيا إن عاد إليه بعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا أحدهما منها وردوا الآخر" ، ثم سرنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا ، فجاء جمل ناد ، فلما كان بين السماطين خر ساجدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس ، من صاحب هذا الجمل" ؟ فقال فتية من الأنصار: هو لنا يا رسول الله، قال: "فما شأنه" ؟ قال: سنونا عليه منذ عشرين سنة فلما كبر سنه وكانت عليه شحيمة فأردنا نحره لنقسمه بين غلمتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبيعونيه" ؟ قالوا: يا رسول الله، هو لك، قال: "فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله" ، قالوا: يا رسول الله نحن أحق أن نسجد لك من البهائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر ولو كان ذلك كان النساء لأزواجهن" .

[ ص: 291 ] وقد روى عبادة بن الوليد، عن جابر بن عبد الله قصة انقياد الشجرتين لنبينا صلى الله عليه وسلم واجتماعهما حتى استتر بهما ، ثم افتراقهما وروى يعلى بن مرة، عن أبيه ، وقيل: عنه دون أبيه أنه شهد هذه المعجزات الثلاث من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما شهدهن جابر وروينا في حديث ابن عباس دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم العذق ونزوله من النخلة ومشيه إليه ورجوعه إلى مكانه.

وفي حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاءه الشجرة وإقبالها إليه حتى قامت بين يديه فاستشهدها ثلاثا ، فشهدت أنه كما قال ، ثم رجعت [ ص: 292 ] إلى منبتها.

وفي حديث سلمان الفارسي حين كاتب قومه على كذا وكذا نخلة يغرسها لهم ويقوم عليها حتى تطعم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فغرس النخل كلها إلا نخلة واحدة غرسها غيره ، فأطعم نخله من سنته إلا تلك النخلة.

وفي حديث جابر وغيره في قصة خيبر إخبار الذراع إياه بأنها مسمومة [ ص: 293 ] ، وفي حديث أبي سعيد الخدري شهادة الذئب لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة، .

وفي حديث النعمان بن بشير وسعيد بن المسيب شهادة زيد بن خارجة الأنصاري بعدما مات لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة [ ص: 294 ] .

وفي حديث روي عن عمر وغيره في شهادة الضب لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، وفي حديث ربعي بن حراش شهادة أخيه بعدما مات لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، [ ص: 295 ] وفي حديث الأعمش، عن شمر بن عطية، عن أشياخه شهادة الصبي الذي شب ولم يتكلم لنبينا بالرسالة ، وفي حديث معيقيب شهادة الرضيع لنبينا صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وفي قصة أحد أن نبينا صلى الله عليه وسلم أعطى عبد الله بن جحش عسيبا من نخل وكان قد ذهب سيفه ، فرجع في يد عبد الله سيفا ، وفي مغازي محمد بن إسحاق بن يسار ، ثم الواقدي في قصة بدر أن عكاشة بن محصن انقطع سيفه فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا فإذا هو سيف أبيض طويل القامة ، فلم يزل عنده حتى هلك ، وفي كتاب الواقدي أنه انكسر سيف سلمة بن أسلم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيبا كان في يده فقال: اضرب به؛ فإذا هو سيف جيد فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر أبي عبيد .

وفي قصة بدر - وقيل [ ص: 296 ] : أحد - عن قتادة بن النعمان أنه أصيبت عينه ، فسالت حدقته على وجنته ، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغمز حدقته براحته ، فكان لا يدري أي عينيه أصيبت.

وعن رفاعة بن رافع أنه رمي يوم بدر بسهم ففقئت عينه ، فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له فما آذاه، وبصق في عين علي رضي الله عنه يوم خيبر من رمد كان بها ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، ثم لم يشك عينيه بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية