صفحة جزء
267 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا القعنبي ، فيما قرأ على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، أن عمر بن الخطاب ، خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد - أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه - فأخبروه أن الوباء وقع بالشام وساق الحديث في استشارته إياهم واختلافهم عليه ، إلى أن قال: فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه ، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ قال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان أحدهما خصبة والأخرى جدبة ، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علما ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه" قال: فحمد الله عمر ، ثم انصرف رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك وأخرجه مسلم من وجه آخر [ ص: 220 ] قال أصحابنا في هذا الخبر: إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه استعمل الحذر وثبت بالقدر معا ، وهو طريق السنة ونهج السلف الصالح رحمة الله عليهم. والذي روينا: "لا ينفع حذر من قدر" معناه فيما كتب من القضاء المحتوم ، كما لا ينفع الدعاء والدواء في رد الموت إذا جاء الأجل المكتوب المحتوم في أم الكتاب ، ثم قد يكون النفع في الحذر والدعاء والدواء إذا كان القلم قد جرى بإلحاق النفع بأحد هؤلاء ، وهو ميسر لما كتب له وعليه عن جميع ذلك لا يستطيع أن يعمل غيره ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية