صفحة جزء
456 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أحمد بن يونس ، نا المعافى بن عمران الموصلي ، نا إدريس بن سنان ، نا أبو إلياس ابن بنت وهب ، قال: حدثني وهب بن منبه ، أن ابن عباس طاف بالبيت حين أصبح أسبوعا ، قال وهب: وأنا وطاوس ، معه وعكرمة مولاه ، وكان قد رق بصره ، فكان يتوكأ على العصا ، فلما فرغ من طوافه انصرف إلى الحطيم فصلي ركعتين ، ثم نهض فنهضنا معه ، فدفع عصاه إلى عكرمة مولاه ، وتوكأ علي وعلى طاوس ، ثم انطلق بنا إلى غربي الكعبة بين باب بني سهم وباب بني جمح ، فوقفنا على قوم بلغ ابن عباس أنهم يخوضون في حديث القدر وغيره مما يختلف الناس فيه ، فلما وقف عليهم سلم عليهم أجابوه ورحبوا به وأوسعوا له فكره أن يجلس إليهم ثم قال: "يا معشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ، ولا يرد عليهم ألم تعلموا أن لله عبادا قد أسكتتهم خشيته من غير عي ، ولا بكم ، وأنهم [ ص: 295 ] هم الفصحاء الطلقاء النبلاء الألباء العالمون بالله وبآياته ، لكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم ، وكسرت قلوبهم ، وطاشت عقولهم إعظاما لله عز وجل ، وإعزازا ، وإجلالا ، فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزاكية ، يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين ، وإنهم لأبر برا ، ومع المقصرين والمقرضين ، وإنهم لأكياس أقوياء ، ولكنهم لا يرضون لله بالقليل ، ولا يستكثرون له الكثير ، ولا يدلون عليه بالأعمال ، حيثما لقيتهم فهم متهمون محزونون مروعون خائفون مشفقون وجلون ، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين ، اعلموا أن أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه ، وأن أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه" قال وهب: ثم انصرف عنهم وتركهم ، فبلغ ابن عباس أنهم قد تفرقوا عن مجلسهم ذلك ، ثم لم يعودوا إليه حتى هلك ابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية