صفحة جزء
230 - حدثنا محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ومعاذ ، عن ابن عون، قال: قلت للقاسم بن محمد: ينتهي أحدنا إلى الغدير وقد ولغ فيه الكلب وشرب منه الحمار أنشرب منه ونتوضأ؟ فقال: "أينتظر أحدنا إذا انتهى إلى الغدير حتى يسأل عنه ، أي كلب ولغ فيه؟ وأي حمار شرب منه؟".

قال أبو عبيد: وهذا قول مالك وعليه أهل الحجاز ، لا يرون بسؤر الحمار ، بأسا .

قال أبو عبيد: والذي عندنا فيه أنه بمنزلة سؤر السباع سواء ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية كما نهى عن لحوم السباع ثم [ ص: 291 ] لم تأتنا عنه سنة في آسار هذه ، كما لم تأتنا عنه سنة في تلك إنما تكلمت العلماء فيها بعده ، عليه السلام ، بالسعة والكراهة.

فالقول عندنا فيهما قول واحد ، أنا لا نحب لأحد أن يتوضأ منها بشيء وهو يجد غيره ، فإن اضطر إليهما ولم يجد سواهما كان الوضوء بهما مجزيا ، والصلاة تامة ، ولا أرى أن يضم إليه التيمم ، لأنه إن كان ذلك الماء طاهرا فلا موضع للتيمم هناك ، فإن كان غير طاهر فقد أنجس المتوضئ به ، وإن التيمم لا يزيل النجاسة ولا يطهرها ، إنما التيمم بدل من الطهور في الحدث فقط ، ومع هذا إنا لا نجد طهورين يجتمعان على مسلم في كتاب ولا سنة.

فإن قال قائل: إن التيمم لم يؤمر به مع الوضوء للنجاسة ، إنما هو الاحتياط في الوضوء ، والأخذ بالثقة ، قيل له: فإن الأخذ بالثقة أن لا يمس ماء ، إلا وهو عنده طاهر ، فكان يلزم صاحب هذا القول أن يأمره بالتيمم ، وترك سؤر الحمار ، فأي قول أفحش من هذا .

قال أبو عبيد قد ذكرنا ما في سؤر الحمار وكذلك نقول في البغال مثله.

فأما الخيل فإن الأمر فيها أسهل ، لأن أهل العراق على الرخصة في أكل لحومها ، ولم تأت الآثار بمثل ما جاءت في الحمر من النهي بمثل ما [ ص: 292 ] جاءت في بعضها بالرخصة.

وأما كل ما يؤكل من الأرواح الثمانية فلا أعلم أحدا كره شيئا من سؤرها ، وكذلك كل ما يؤكل لحمه من الطير ما خلا الدجاج فإنها ربما أكلت الأقذار.

وقد حكي عن بعض العلماء كراهته ، والدليل على ذلك ما روي عن ابن عمر في ربطها ثلاثة أيام عند ذبحها ، وكذلك كل ما أكل الجيف من الطير ، مثل النسور والحداء والرخم فكل أسآرها مكروه ، ولا يتوضأ منه إلا في الاضطرار والحاجة إليه. [ ص: 293 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية