صفحة جزء
267 - حدثنا محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، أنه "كان لا يرى بأسا بالوضوء بالنبيذ" [ ص: 316 ] .

قال أبو عبيد: واختلف أهل العراق من أصحاب الرأي في هذا فلهم فيه ثلاثة أقوال: فأحدها: أنه يجزئه أن يتوضأ به ، ولا يحتاج معه إلى تيمم.

والثاني: أنه يتيمم ولا يتوضأ به.

والثالث: أنه يجمع الوضوء به والتيمم.

وكل هذا عندهم إنما هو في نبيذ التمر خاصة ، فأما الزبيب فلا أعلم أحدا منهم يرى الوضوء به .

قال أبو عبيد: وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان لا يرى الوضوء بشيء من أنواع النبيذ من تمر ولا زبيب ولا غيره [ ص: 317 ] .

قال أبو عبيد: وإن الذي عندنا في النبيذ هذا القول: أنه لا يتوضأ به ، ولا يكون طهورا أبدا ، لأن الله جل وعز ، اشترط للطهور شرطين ثم لم يجعل لهما ثالثا.

وهما: الماء والصعيد ، وأن النبيذ ليس بواحد من هذين.

وأما الذي روي عن ابن مسعود في ليلة الجن فإنا لا نثبته من أجل أن الإسناد فيه ليس بمعروف.

وقد وجدنا مع هذا أهل الخبرة والمعرفة بابن مسعود ينكرون أن يكون حضر في تلك الليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، منهم: ابنه أبو عبيدة بن عبد الله ، وصاحبه علقمة بن قيس ، مع هذا كله أنه لو [ ص: 318 ] كان له أصل لكان منسوخا ، لأن ليلة الجن كانت بمكة في صدر الإسلام قبل الهجرة بدهر ، وقد كانت رخصة السكر وهو من التمر ، فنزلت في سورة النحل ، والنحل مكية ، فلعل الوضوء كان يومئذ ثم أنزل الله تحريم الخمر في المائدة ، وهي مدنية ، فكان تحريمها في قول العلماء ناسخا للسكر وهو من التمر ، فكيف يتوضأ بشيء قد نسخ شربه بالتحريم.

التالي السابق


الخدمات العلمية