صفحة جزء
156 - أخبرنا إبراهيم، حدثنا محمد، حدثنا سعيد، قال: سمعت ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: "كان الأسود بن كلثوم إذا مشى نظر إلى قدميه، أو أطراف أصابعه، لا يلتفت، وجدر الناس إذ ذاك فيها تواضع، فعسى أن يفجأ النسوة، وعسى أن يكون بعضهن واضعا، فيروعهن الرجل، حين يرينه ينظر بعضهن إلى بعض، فقلن: كلا إنه الأسود بن كلثوم. قد عرفوه، إنه لا ينظر إليهن قال: فلما قدم غازيا قال: "اللهم إن هذه نفسي تزعم في الرخاء أنها تحب لقاءك، فإن كانت صادقة، فارزقها ذاك، وإن كانت كاذبة، فاحملها عليه وإن كرهت، فاجعله قتلا في سبيلك، وأطعم لحمي سباعا وطيرا. [ ص: 150 ]

قال: فانطلق في طائفة من ذلك الجيش، حتى دخلوا حائطا فيه ثلمة، وجاء العدو، حتى قاموا على الثلمة، فخرج أصحابه ولم يخرج، حتى كثروا على الثلمة قال: فنزل من فرسه، فضرب وجهه، فانطلق غابرا، حتى خلوا وجهه، وخرج وعمد إلى مكان في الحائط، فتوضأ منه، ثم صلى قال: يقول العدو: هكذا استسلام العرب إذا استسلموا، فلما قضى صلاته، قاتلهم حتى قتل قال: فمر عظيم ذلك الجيش على الحائط، وفيهم أخوه، فقيل لأخيه: ألا تدخل إلى الحائط، فتنظر ما أصبت من عظام أخيك، فتجنه قال: ما أنا بفاعل شيئا دعا به أخي فاستجيب له. قال: فما عاناه ".


التالي السابق


الخدمات العلمية