صفحة جزء
1461 - ( 2 ) - قوله : الفيء مال يقسم خمسة أسهم متساوية ، ثم يؤخذ سهم فيقسم خمسة أسهم متساوية ، فتكون القسمة من خمسة وعشرين سهما ، هكذا كان يقسم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله : كانت أربعة أخماس الفيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم مضمومة إلى خمس الخمس ، فجملة ما كان له أحد وعشرون سهما من خمسة وعشرين سهما ، وكان يصرف الأخماس الأربعة إلى المصالح ، ثم قال في موضع آخر : وكان ينفق من سهمه على نفسه وأهله ومصالحه ، وما فضل جعله في السلاح عدة في سبيل الله وفي سائر المصالح ، ثم قال بعد أن قرر أن سهم النبي صلى الله عليه وسلم هو خمس الخمس : وإن هذا السهم كان له يعزل منه نفقة أهله إلى آخره .

قال : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يملكه ولا ينتقل منه إلى غيره إرثا ، بل ما يملكه الأنبياء لا يورث عنهم . كما اشتهر في الخبر ، أما مصرف أربعة أخماس الفيء فبوب عليه البيهقي واستنبطه من حديث مالك بن أوس عن عمر ، وورد ما يخالفه ، ففي الأوسط للطبراني وتفسير ابن مردويه من حديث ابن عباس : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية قسموا خمس الغنيمة ، فضرب ذلك الخمس في خمسة ، ثم قرأ { واعلموا أنما غنمتم من [ ص: 214 ] شيء } }الآية فجعل سهم الله ، وسهم رسوله واحدا ، وسهم ذي القربى بينهم هو والذي قبله في الخيل والسلاح ، وجعل سهم اليتامى ، وسهم المساكين ، وسهم ابن السبيل لا يعطيه غيرهم ، وجعل الأربعة أسهم الباقية للفرس سهمان ، ولراكبه سهم ، وللراجل سهم . وروى أبو عبيد في الأموال نحوه .

وأما نفقته من سهمه على الوجه المشروح فمتفق عليه من حديث عمر قال : { كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فكان ينفقه على نفسه وأهله نفقة سنة ، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله }. وأما قوله : { إنه كان يصرفه في سائر المصالح }. فهو بين في حديث عمر الطويل .

وأما كونه كان لا يملكه ; فلا أعرف من صرح به في الرواية ، وكأنه استنبط من كونه لا يورث عنه .

وأما حديث : { إن الأنبياء لا يورثون }. فمتفق عليه من حديث أبي بكر أنه صلى الله عليه وسلم قال : { لا نورث ما تركنا صدقة }. وللنسائي في أوائل [ ص: 215 ] الفرائض من السنن الكبرى : { إنا معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا صدقة }. وإسناده على شرط مسلم ، ورواه الطبراني في الأوسط من وجه آخر من طريق عبد الملك بن عمير عن الزهري بالسند المذكور ، ولفظه لفظ الباب ، ويستدل له أيضا بما رواه النسائي في سننه من ] حديث مالك ، عن قتيبة ، عنه ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : { أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر فيسألنه ميراثهن من رسول الله فقالت لهن عائشة : أليس قد قال رسول الله : لا يورث نبي ، ما تركنا صدقة }. لكن رواه في الفرائض من السنن الكبرى عن قتيبة بهذا الإسناد بلفظ { لا نورث ، ما تركنا صدقة }. ليس فيه : " نبي " فالله أعلم . وكذا هو في الصحيحين ، ورواه أحمد من طريق محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، { أن فاطمة قالت لأبي بكر : ما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمعته يقول : إن النبي لا يورث }. وفي الصحيحين مثل حديث أبي بكر عن عمر أنه قال لعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد ، وعلي والعباس : أنشدكم بالله - فذكره - وفيه : أنهم قالوا : نعم ، زاد النسائي : فيهم طلحة . وعندهما عن أبي هريرة : { لا يقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي ، فهو صدقة }وأخرجه الحميدي في مسنده ، عن سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 216 ] { إنا معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة }. وذكر الدارقطني في العلل حديث الكلبي ، عن أبي صالح ، عن أم هانئ ، عن فاطمة أنها دخلت على أبي بكر فقالت : لو مت من كان يرثك ؟ قال : ولدي وأهلي . قالت : فما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمعته يقول : { إن الأنبياء لا يورثون ، ما تركوه فهو صدقة }. وفي الباب عن حذيفة أخرجه أبو موسى في كتاب له اسمه براءة الصديق ، من طريق فضيل بن سليمان ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي عنه ، وهذا إسناد حسن .

( تنبيه ) :

نقل القرطبي وغيره اتفاق النقلة على أن قوله : { صدقة }بالرفع على أنه الخبر ، وحكى ابن مالك في توضيحه جواز النصب على أنها حال سدت مسد الخبر ، واستبعده غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية