صفحة جزء
1533 - ( 3 ) - قوله : ومنها الوتر ، والتهجد ، قال الله سبحانه : { ومن الليل فتهجد به نافلة لك }أي زيادة على الفرائض ، وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثلاث هن علي فريضة ، ولكم سنة : الوتر ، والسواك ، وقيام الليل } . أما احتجاجه بالآية فسبقه إليه البيهقي ، ووجهه أن النافلة لغة الزيادة ، وظاهر الأمر بالتهجد الوجوب ، قال إمام الحرمين : فإن قيل : النافلة هي السنة ، قلنا : بل [ ص: 257 ] النافلة هنا هي الزيادة ، وقد قيل : ما يزيده العبد من تطوعاته ، يجبر به نقصان مفروضاته ، وصلاته صلى الله عليه وسلم معصومة ، فكان تهجده زائدا على مفروضاته ، وهكذا قال البغوي في تفسيره نحوه ، لكن يتعقب ذلك بأن مقتضاه أن الرواتب التي واظب عليها كانت واجبة في حقه ، ولا قائل بذلك ، وحكى النووي في زياداته عن الشيخ أبي حامد : أن الشافعي نص على أنه نسخ وجوبه في حقه . كما نسخ في حق غيره ، قال : وهذا هو الأصح أو الصحيح ، وفي صحيح مسلم ما يدل عليه ، انتهى . وأما الحديث الذي احتجوا به فهو ضعيف جدا ، لأنه من رواية موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مثله ، أخرجه الطبراني في الأوسط ، والبيهقي ، وقد قال الطبراني : إن موسى تفرد به ، وأشار النووي إلى ما أخرجه مسلم في قصة قيام الليل ، فصار قيام الليل تطوعا بعد فرضه ، وفي سياقه أيضا دلالة على أنه حين وجب لم يكن من خصائصه ، واستدل غيره على عدم الوجوب أيضا بحديث جابر الطويل في مسلم في صفة الحج ففيه : { ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر ، فصلى حين تيسر له الصبح }.

وقد نص الشافعي في الأم على أن السنة ترك التنفل بعد العشاء للبائت بمزدلفة ، وصرح به الماوردي وغيره ، واستدل أيضا بأنه كان يصلي التطوع في الليل على الراحلة في السفر ، ويصليه في الحضر جالسا ، وقد استدل الشافعي على عدم وجوب الوتر عليه بذلك ، وقيل : كان ذلك واجبا عليه في حال الحضر وفي حال عدم المشقة ، وهذا يحتاج إلى نقل خاص ، وإن كان الحليمي ، وابن عبد السلام ، والغزالي قد صرحوا بأن الوتر كان واجبا عليه في الحضر دون السفر ، وذكر النووي في شرح المهذب : بأن من خصائصه فعل هذا الواجب ، من الوتر والتهجد ، على الراحلة .

1534 - ( 4 ) - قوله : ومنها السواك كان واجبا عليه للخبر ، يعني به الخبر [ ص: 258 ] الذي ذكرناه عن عائشة قبله ، وهو واه جدا لا يجوز الاحتجاج به ، ويمكن أن يستدل لوجوبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية