صفحة جزء
1642 - ( 13 ) - حديث : { وسنوا بهم سنة أهل الكتاب }. يعني - [ ص: 353 ] المجوس - مالك في الموطأ ، والشافعي ، عنه ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عمر أنه قال : ما أدري ما أصنع في أمرهم ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { وسنوا بهم سنة أهل الكتاب }. قال مالك : يعني في الجزية ، وكذا رواه يحيى القطان ، عن جعفر أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال ، وهو منقطع لأن محمد بن علي لم يلق عمر ، ولا عبد الرحمن ، وقد رواه أبو علي الحنفي ، عن مالك ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، قال الخطيب في الرواة عن مالك : تفرد بقوله عن جده أبو علي .

قلت : وسبقه إلى ذلك الدارقطني في غرائب مالك ، وهو مع ذلك منقطع ، لأن علي بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن ، إلا أن يكون الضمير في جده يعود على محمد ، فجده حسين سمع منهما ، لكن في سماع محمد من حسين نظر كبير ، ورواه ابن أبي عاصم في كتاب النكاح بسند حسن قال : نا إبراهيم بن الحجاج ، نا أبو رجاء جار لحماد بن سلمة ، نا الأعمش ، عن زيد بن وهب قال : كنت عند عمر بن الخطاب فذكر من عنده المجوس ، فوثب عبد الرحمن بن عوف فقال : أشهد بالله على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعه يقول : { إنما المجوس طائفة من أهل الكتاب ، فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب }.

1643 - ( 14 ) - قوله : روي عن عبد الرحمن بن عوف : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سنوا بهم سنة أهل الكتاب ، غير ناكحي نسائهم ، وآكلي ذبائحهم }. تقدم دون الاستثناء ، لكن روى عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي من طريق الحسن بن محمد بن علي قال : { كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم قبل ، ومن أصر ضربت عليه الجزية ، على ألا تؤكل لهم ذبيحة . ولا تنكح لهم امرأة }. وفي رواية [ ص: 354 ] عبد الرزاق : { غير ناكحي نسائهم ، ولا آكلي ذبائحهم }. وهو مرسل ، وفي إسناده قيس بن الربيع وهو ضعيف ، قال البيهقي : وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده .

( تنبيه ) تبين أن الاستثناء في حديث عبد الرحمن مدرج ، ونقل الحربي الإجماع على المنع إلا عن أبي ثور ، ورده ابن حزم بأن الجواز ثبت عن سعيد بن المسيب أيضا .

وأخرج ابن أبي شيبة ، من طريقه جواز التسري من المجوس بإسناد صحيح ، وعن عطاء ، وطاوس ، وعمرو بن دينار كذلك .

قوله : فيما إذا استبهم الحال يؤخذ في نكاحهم بالاحتياط ، وتقرير الجزية تغليبا للحق ، وبذلك حكمت الصحابة في نصارى العرب ، وهم بهرا وتنوخ ، وتغلب ، كذا قال ، والمنقول عن كثير من الصحابة خلاف ذلك ، قال ابن أبي شيبة ، نا عفان ، نا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " كلوا ذبائح بني ثعلب ، وتزوجوا نساءهم ، فإن الله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بعضهم أولياء بعض }فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم .

وقال البخاري : قال الزهري : لا بأس بذبيحة نصارى العرب ، وإن سمعته يسمي لغير الله فلا تأكل ، وإن لم تسمعه فقد أحله الله لك ، وعلم كفرهم انتهى .

وهذا وصله عبد الرزاق ، نعم فيه من طريق إبراهيم النخعي ، عن علي : أنه كان يكره ذبائح نصارى بني ثعلب ونساءهم ، ويقول : هم من العرب ، وعن جابر بن زيد أحد التابعين نحوه ، وروى الشافعي بإسناد صحيح عن علي قال : لا تأكلوا ذبائح نصارى بني ثعلب . نعم أخذ الصحابة الجزية من [ ص: 355 ] نصارى بني ثعلب وغيرهم ، كما سيأتي في الجزية ، وإنما تكلمنا على التفصيل الذي ذكره ، وظاهر كلامه أنهم أخذوا منهم الجزية ، ومنعوا من ذبائحهم ، وفيه ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية