صفحة جزء
[ ص: 450 ] كتاب اللعان

1770 - ( 1 ) - حديث ابن عباس : { أن هلال بن أمية قذف امرأته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريك ابن سحماء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك } - الحديث - وفي آخره : فنزل جبريل بقوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم }الآيات ، البخاري بهذا اللفظ سوى قوله : فنزل جبريل ، قال : فنزلت { والذين يرمون أزواجهم }فقرأ إلى أن بلغ { من الصادقين }فذكر الحديث بطوله ، وفي رواية أخرى : فنزل جبريل .

وفي الباب عن أنس رواه مسلم من طريق ابن سيرين : أن أنس بن مالك قال : { إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك ابن السحماء ، وكان أخا البراء بن مالك لأمه ، وكان أول من لاعن }. الحديث . قوله : وهذا المرمي بالزنا ، سئل فأنكر ، ولم يحلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا رواه البيهقي من طريق مقاتل بن حيان في تفسيره مرسلا أو معضلا في قوله : { والذين يرمون المحصنات }قال : { فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزوج والخليل والمرأة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ويحك ما يقول ابن عمك ؟ فقال : أقسم بالله إنه ما رأى ما يقول ، وإنه لمن الكاذبين ، ثم لم يذكر أنه أحلفه }. قال البيهقي : فلعل الشافعي أخذه من هذا التفسير فإنه كان مسموعا له ، ولم أجده موصولا .

قوله : قال عمر لزان قدم ليقام عليه الحد ، وادعى أنه أول ما ابتلي به : إن الله تعالى كريم لا يهتك الستر أول مرة . هذا لم أره في حق الزاني ، إنما أخرجه البيهقي من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس أن عمر أتي بسارق ، فقال : [ ص: 451 ] والله ما سرقت قط قبلها : فقال : كذبت ما كان الله ليسلم عبدا عند أول ذنب ، فقطعه . وإسناده قوي .

1771 - ( 2 ) - حديث سهل بن سعد { : أن عويمر العجلاني قال : يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ، فيقتله فيقتلونه ، أم كيف يفعل ؟ قال : قد أنزل فيك وفي صاحبتك . فاذهب فائت بها قال سهل : فتلاعنا في المسجد ، وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم }متفق عليه من حديثه ، وفي آخره : قال : { فلما فرغا قال عويمر : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم }.

1772 - ( 3 ) - حديث : { العينان تزنيان ، واليدان تزنيان }. مسلم من حديث ابن عباس ، عن أبي هريرة مرفوعا قال : { كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، العينان زناهما النظر ، واليدان زناهما البطش } - الحديث - ورواه ابن حبان من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ : { العينان تزنيان ، واللسان يزني ، واليدان تزنيان }. وأصله في صحيحي البخاري ومسلم أيضا من طريق ابن عباس : { ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا : أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تتمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه }وروى أحمد ، والطبراني من حديث مسروق ، [ ص: 452 ] عن عبد الله نحوه .

1773 - ( 4 ) - حديث : { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي لا ترد يد لامس ، قال : طلقها قال : إني أحبها ، قال : أمسكها }. الشافعي من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير قال : جاء رجل فذكره مرسلا ، وأسنده النسائي من رواية عبد الله المذكور ، عن ابن عباس ، فذكره بمعناه ، واختلف في إسناده وإرساله ، قال النسائي المرسل أولى بالصواب .

وقال في الموصول : إنه ليس بثابت ، لكن رواه هو أيضا وأبو داود من رواية عكرمة ، عن ابن عباس نحوه ، وإسناده أصح ، وأطلق النووي عليه الصحة ، ولكن نقل ابن الجوزي عن أحمد بن حنبل أنه قال : لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء ، وليس له أصل . وتمسك بهذا ابن الجوزي فأورد الحديث في الموضوعات ، مع أنه أورده بإسناد صحيح ، وله طريق أخرى ، قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن حديث رواه معقل ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، فقال : نا محمد بن كثير ، عن معمر ، عن عبد الكريم ، حدثني أبو الزبير ، عن مولى بني هاشم قال : جاء رجل فذكره ، ورواه الثوري فسمى الرجل هشاما مولى بني هاشم ، وأخرجه الخلال والطبراني ، والبيهقي من وجه آخر ، عن عبيد الله بن عمرو ، فقال : عن عبد الكريم بن مالك ، عن أبي الزبير ، عن جابر ولفظه : لا تمنع يد لامس .

( تنبيه ) :

اختلف العلماء في معنى قوله : لا ترد يد لامس ، فقيل : معناه الفجور ، وأنها لا تمتنع ممن يطلب منها الفاحشة ، وبهذا قال أبو عبيد ، والخلال ، والنسائي ، وابن الأعرابي ، والخطابي ، والغزالي ، والنووي ، وهو مقتضى استدلال الرافعي به هنا . وقيل : معناه التبذير ، وأنها لا تمنع أحدا طلب منها شيئا من مال زوجها ، وبهذا قال أحمد والأصمعي ، ومحمد بن ناصر ، ونقله عن علماء الإسلام [ ص: 453 ] ابن الجوزي ، وأنكر على من ذهب إلى الأول .

وقال بعض حذاق المتأخرين : قوله صلى الله عليه وسلم له : أمسكها : معناه أمسكها عن الزنا أو عن التبذير ، إما بمراقبتها ، أو بالاحتفاظ على المال أو بكثرة جماعها ، ورجح القاضي أبو الطيب الأول بأن السخاء مندوب إليه فلا يكون موجبا لقوله : " طلقها " ولأن التبذير إن كان من مالها فلها التصرف فيه ، وإن كان من ماله فعليه حفظه ، ولا يوجب شيئا من ذلك الأمر بطلاقها ، قيل : والظاهر أن قوله : لا ترد يد لامس ، أنها لا تمتنع ممن يمد يده ليتلذذ بلمسها ، ولو كان كنى به عن الجماع لعد قاذفا ، أو أن زوجها فهم من حالها أنها لا تمتنع ممن أراد منها الفاحشة ، لا أن ذلك وقع منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية