صفحة جزء
174 - ( 23 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { الطواف بالبيت صلاة ، إلا أن الله أباح فيه الكلام } الترمذي ، والحاكم والدارقطني ، من حديث ابن عباس ، وصححه ابن السكن ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، وقال الترمذي : روي مرفوعا وموقوفا ، ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء ، ومداره على عطاء بن السائب ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، واختلف في رفعه ووقفه . ورجح الموقوف النسائي ، والبيهقي ، وابن الصلاح والمنذري ، والنووي ، وزاد : إن رواية الرفع ضعيفة ، وفي إطلاق ذلك نظر ، فإن عطاء بن السائب صدوق ، وإذا روي عنه الحديث مرفوعا تارة ، وموقوفا أخرى ، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع ، والنووي ممن يعتمد ذلك ويكثر منه ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة ، فيجيء على طريقته أن المرفوع صحيح ، فإن اعتل عليه بأن عطاء بن السائب اختلط ، ولا تقبل إلا رواية من رواه عنه قبل اختلاطه ، أجيب بأن الحاكم أخرجه من رواية سفيان الثوري عنه ، والثوري ممن سمع قبل اختلاطه باتفاق .

وإن كان الثوري قد اختلف عليه في وقفه ورفعه ، فعلى طريقتهم تقدم رواية الرفع أيضا ، والحق أنه من رواية سفيان موقوف ، ووهم عليه من رفعه . قال البزار : لا نعلم [ ص: 226 ] أحدا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عباس ، ولا نعلم أسند عطاء بن السائب عن طاوس غير هذا ، ورواه غير واحد عن عطاء موقوفا ، وأسنده جرير وفضيل بن عياض ، قلت : وقد غلط فيه أبو حذيفة ، فرواه مرفوعا عن الثوري ، عن عطاء ، عن طاوس ، عن ابن عمر أخرجه الطبراني في الأوسط عن محمد بن أبان ، عن أحمد بن ثابت الجحدري عنه ، ثم ظهر أن الغلط من الجحدري وإلا ، فقد أخرجه ابن السكن من طريق أبي حذيفة ، فقال : عن ابن عباس ، وله طريق أخرى ليس فيها عطاء وهي عند النسائي من حديث أبي عوانة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن طاوس عن ابن عباس موقوفا ، ورفعه عن إبراهيم ، محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، وهو ضعيف رواه الطبراني .

ورواه البيهقي من طريق موسى بن أعين ، عن ليث بن أبي سليم ، عن طاوس ، عن ابن عباس مرفوعا ، وليث يستشهد به قلت : لكن اختلف على موسى بن أعين فيه .

فروى الدارمي عن علي بن معبد عنه ، عن عطاء بن السائب ، فرجع إلى رواية عطاء ، ورواه البيهقي من طريق الباغندي ، عن عبد الله بن عمر بن أبان ، عن ابن عيينة ، عن إبراهيم مرفوعا ، وأنكره البيهقي على الباغندي ، وله طريق أخرى مرفوعة أخرجها الحاكم في أوائل تفسير سورة البقرة من المستدرك من طريق القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . قال : قال الله لنبيه : { طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } فالطواف قبل الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق ، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير }وصحح إسناده ، وهو كما قال فإنهم ثقات ، وأخرج [ ص: 227 ] من طريق حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أوله الموقوف ، ومن طريق فضيل بن عياض ، عن عطاء ، عن طاوس ، آخره المرفوع ، وروى النسائي وأحمد من طريق ابن جريج ، عن الحسن بن مسلم عن طاوس ، عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الطواف صلاة ، فإذا طفتم فأقلوا الكلام }وهذه الرواية صحيحة ، وهي تعضد رواية عطاء بن السائب ، وترجح الرواية المرفوعة ، والظاهر أن المبهم فيها هو ابن عباس ، وعلى تقدير أن يكون غيره ، فلا يضر ، إبهام الصحابة .

ورواه النسائي أيضا ، من طريق حنظلة بن أبي سفيان ، عن طاوس ، عن ابن عمر موقوفا .

وإذا تأملت هذه الطرق عرفت أنه اختلف على طاوس على خمسة أوجه ، فأوضح الطرق وأسلمها ، رواية القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، فإنها سالمة من الاضطراب ، إلا أني أظن أن فيها إدراجا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية