صفحة جزء
1879 - ( 6 ) - قوله : روي عن عمرو بن حزم { أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه إلى أهل اليمن : أن الذكر يقتل بالأنثى . . . }هذا طرف من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مشهور قد رواه مالك والشافعي عنه ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه : أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول ، ووصله نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، وجده محمد بن عمرو بن حزم ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يسمع منه ، وكذا أخرجه عبد الرزاق ، عن معمر ، ومن طريقه الدارقطني ورواه أبو داود والنسائي من طريق ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري مرسلا ، ورواه أبو داود في المراسيل عن ابن شهاب { قال : قرأت في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران ، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم }. ورواه النسائي [ ص: 35 ] وابن حبان والحاكم والبيهقي موصولا مطولا ، من حديث الحكم بن موسى ، عن يحيى بن حمزة ، عن سليمان بن داود ، حدثني الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، وفرقه الدارمي في مسنده عن الحكم مقطعا ، وقد اختلف أهل الحديث في صحة هذا الحديث فقال أبو داود في المراسيل : قد أسند هذا الحديث ولا يصح ، والذي في إسناده سليمان بن داود وهم ، إنما هو سليمان بن أرقم .

وقال في موضع آخر : لا أحدث به ، وقد وهم الحكم بن موسى في قوله : سليمان بن داود ، وقد حدثني محمد بن الوليد الدمشقي أنه قرأه في أصل يحيى بن حمزة : سليمان بن أرقم ، وهكذا قال أبو زرعة الدمشقي : إنه الصواب ، وتبعه صالح بن محمد جزرة ، وأبو الحسن الهروي وغيرهما .

وقال جزرة : نا دحيم قال : قرأت في كتاب يحيى بن حمزة حديث عمرو بن حزم ، فإذا هو عن سليمان بن أرقم ، قال صالح : كتب هذه الحكاية عني مسلم بن الحجاج قلت : ويؤكد هذا ما رواه النسائي عن الهيثم بن مروان ، عن محمد بن بكار ، عن يحيى بن حمزة ، عن سليمان بن أرقم ، عن الزهري ، وقال : هذا أشبه بالصواب .

وقال ابن حزم : صحيفة عمرو بن حزم منقطعة لا تقوم بها حجة ، وسليمان بن داود متفق على تركه ، وقال عبد الحق : سليمان بن داود هذا الذي يروي هذه النسخة عن الزهري ضعيف ، ويقال : إنه سليمان بن أرقم ، وتعقبه ابن عدي فقال : [ ص: 36 ] هذا خطأ إنما هو سليمان بن داود ، وقد جوده الحكم بن موسى ، انتهى .

وقال أبو زرعة : عرضته على أحمد ، فقال : سليمان بن داود هذا ليس بشيء ، وقال ابن حبان : سليمان بن داود اليمامي ضعيف ، وسليمان بن داود الخولاني ثقة ، وكلاهما يروي عن الزهري ، والذي روى حديث الصدقات هو الخولاني ، فمن ضعفه فإنما ظن أن الراوي له هو اليمامي .

قلت : ولولا ما تقدم من أن الحكم بن موسى وهم في قوله : سليمان بن داود ، وإنما هو سليمان بن أرقم لكان لكلام ابن حبان وجه ، وصححه الحاكم ، وابن حبان كما تقدم والبيهقي ، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال : أرجو أن يكون صحيحا ، قال : وقد أثنى على سليمان بن داود الخولاني هذا أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وعثمان بن سعيد ، وجماعة من الحفاظ . قال الحاكم : وحدثني أبو أحمد الحسين بن علي ، عن ابن أبي حاتم ، عن أبيه : أنه سئل عن حديث عمرو بن حزم ؟ فقال : سليمان بن داود عندنا ممن لا بأس به ، وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة . لا من حيث الإسناد ; بل من حيث الشهرة ، فقال الشافعي في رسالته : لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن عبد البر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير ، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد ; لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة ، قال : ويدل على شهرته ما روى ابن وهب ، عن مالك ، عن الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : وجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال العقيلي : هذا حديث ثابت محفوظ ; إلا أنا نرى أنه كتاب غير مسموع عمن فوق الزهري .

وقال يعقوب بن سفيان : لا أعلم في جميع الكتب المتقولة كتابا أصح من كتاب عمرو بن حزم هذا ، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم ، وقال الحاكم : قد شهد عمر بن عبد العزيز ، وإمام عصره الزهري ، لهذا الكتاب بالصحة ، ثم ساق ذلك بسنده إليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية