صفحة جزء
قوله : إن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة ، وسببه أن بعضهم قالوا له : " أمرنا بدفع الزكاة إلى من صلاته سكن لنا ، وهو رسول الله على ما قال الله : { خذ من أموالهم صدقة } - إلى قوله - { سكن لهم }قالوا : وصلوات غيره ليست سكنا لنا " انتهى . أما قتال أبي بكر لمانعي الزكاة فمشهور ، وقد اتفقا عليه من حديث أبي هريرة وغيره ، وتقدم في الزكاة ، وأما هذا السبب فلم أقف له على أصل .

قوله : " إن عليا قاتل أصحاب الجمل ، وأهل الشام والنهروان ، ولم يتبع بعد لاستيلاء ما أخذوه من الحقوق " . وهذا معروف في التواريخ الثابتة ، وقد استوفاه أبو جعفر بن جرير الطبري وغيره ، وهو غني عن تكليف إيراد الأسانيد له ، وقد حكى عياض ، عن هشام وعباد أنهما أنكرا واقعة الجمل أصلا ورأسا ، وكذا أشار إلى إنكارها أبو بكر بن العربي في العواصم ، وابن حزم ، ولم ينكرها هذان أصلا ورأسا ، وإنما أنكرا وقوع الحرب فيها على كيفية مخصوصة ، وعلى كل حال فهو مردود ; لأنه مكابرة لما ثبت بالتواتر المقطوع به .

( فائدة ) كانت وقعة الجمل في سنة ست وثلاثين ، وكانت وقعة صفين في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين واستمرت ثلاثة أشهر ، وكانت النهروان في سنة ثمان وثلاثين .

قوله : ثبت أن أهل الجمل وصفين والنهروان بغاة . هو كما قال ، ويدل عليه حديث علي : " أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين " . رواه النسائي في الخصائص والبزار والطبراني والناكثين : أهل الجمل ; لأنهم نكثوا بيعته ، والقاسطين : أهل الشام ; لأنهم جاروا عن الحق في عدم مبايعته ، والمارقين : أهل النهروان لثبوت الخبر الصحيح فيهم : { أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية } ، وثبت في أهل الشام حديث عمار : { تقتله الفئة الباغية }وقد تقدم ، وغير ذلك من الأحاديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية