صفحة جزء
2131 - ( 3 ) - حديث أبي بردة بن نيار : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يجلد فوق عشرة أسواط ، إلا في حد من حدود الله }. متفق عليه ، وتكلم في إسناده ابن المنذر ، والأصيلي من جهة الاختلاف فيه ، وقال البيهقي : قد وصل عمرو بن الحارث إسناده ، فلا يضر تقصير من قصر فيه ، وقال الغزالي : صححه بعض الأئمة ، وتعقبه الرافعي في التذنيب فقال : أراد بقوله : بعض الأئمة ، صاحب التقريب ، ولكن الحديث أظهر أن تضاف صحته إلى فرد من الأئمة فقد صححه البخاري ومسلم .

قوله : والأظهر أنه تجوز الزيادة على العشر ، وإنما المراعى النقصان عن الحد ، وأما الحديث المذكور فمنسوخ على ما ذكره بعضهم ، واحتج بعمل الصحابة بخلافه من غير إنكار ، انتهى .

وقد قال الإصطخري : " أحب أن يضرب بالدرة ، فإن [ ص: 149 ] ضرب بالسياط فأحب أن لا يزاد على العشرة ، فإن ضرب بالدرة فلا يزاد على التسعة وثلاثين " . انتهى ، وتفريقه بين السياط والدرة مستفاد من تقييد الخبر بالأسواط ، وفيه نظر . وقال البيهقي : روي عن الصحابة في مقدار التعزير آثار مختلفة ، وأحسن ما يصار إليه في هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث أبي بردة بن نيار من طرق ، ثم روى بإسناده إلى مغيرة بن مقسم ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز : " ألا يبلغ في التعزير أدنى الحدود ، أربعين سوطا " . قلت : فتبين بما نقله البيهقي من اختلاف الصحابة : أن لا اتفاق على عمل في ذلك ، فكيف يدعى نسخ الحديث الثابت ، ويصار إلى ما يخالفه من غير برهان ، وسبق إلى دعوى عمل الصحابة بخلافه الأصيلي وجماعة ، وعمدتهم كون عمر جلد في الخمر ثمانين ، وأن الحد الأصلي أربعون ، والثانية ضربها تعزيرا ، لكن حديث علي المتقدم دال على أن عمر إنما ضرب ثمانين معتقدا أنها الحد ، وسيأتي قريبا ما يؤيد ذلك ، وأما النسخ فلا يثبت إلا بدليل ، نعم لو ثبت الإجماع لدل على أن هناك ناسخا ، وذكر بعض المتأخرين أن الحديث محمول على التأديب الصادر من غير الولاة ، كالسيد يضرب عبده ، والزوج امرأته ، والأب ولده ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية