صفحة جزء
2239 - ( 45 ) - قوله : ولا يكره حمل رءوس الكفار ، لأن أبا جهل لما قتل حمل رأسه .

وقال العراقيون : ما حمل رأس كافر قط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحمل إلى عثمان رءوس جماعة من المشركين ، فأنكره ، وقال : ما فعل هذا في عهد رسول الله ، ولا في أيام أبي بكر ، ولا عمر ، قالوا : وما روي من حمل الرأس إلى أبي بكر فقد تكلم في ثبوته ، انتهى . أما حمل رأس أبي جهل فرواه أبو نعيم [ ص: 200 ] في المعرفة من طريق الطبراني في ترجمة معاذ بن عمرو بن الجموح { وأن ابن مسعود حزها وجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم } ، ورواه ابن ماجه من حديث ابن أبي أوفى : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم بشر برأس أبي جهل : ركعتين }. إسناده حسن ، واستغربه العقيلي .

وروى البيهقي { عن علي قال : جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم برأس مرحب }. وفي مراسيل أبي داود عن أبي نضرة العبدي قال : { لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم العدو ، فقال : من جاء برأس ، فله على الله ما تمنى فجاءه رجلان برأس - }الحديث - قال أبو داود : في هذا أحاديث ولا يصح منها شيء . قال البيهقي : وهذا إن ثبت ، فإن فيه تحريضا على قتل العدو ، وليس فيه حمل الرأس من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، ثم روي عن الزهري قال : { لم يكن يحمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رأس قط ، ولا يوم بدر } ، وحمل إلى أبي بكر رأس ، فأنكر ذلك . قال : وأول من حملت إليه الرءوس عبد الله بن الزبير . قلت : وقد روى النسائي وغيره من حديث عبد الله بن فيروز الديلمي عن أبيه قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم برأس الأسود العنسي }.

وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى : هو وهم ; لأن الأسود قتل سنة إحدى عشرة على عهد أبي بكر ، وأيضا فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر خروج الأسود صاحب صنعاء بعده ، لا في حياته ، وتعقبه ابن القطان : بأن رجاله ثقات ، وتفرد ضمرة به لا يضره ويحتمل أن يكون معناه أنه أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدا إليه ، وافدا عليه ، مبادرا بالتبشير بالفتح ، فصادفه قد مات صلى الله عليه وسلم ، قلت : وقول الحاكم : إن الأسود لم يخرج في حياته ، غير مسلم ، فقد ثبت أن ابتداء خروجه كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " إنه يخرج بعده " اشتداد شوكته ، واشتهار أمره ، وعظم الفتنة به ، وكان كذلك ، وقيل في أثر ذلك ، ومع ذلك فلا حجة فيه ، إذ ليس فيه اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقريره ، [ ص: 201 ] وقد ثبت عن أبي بكر إنكار ذلك .

وروى ابن شاهين في الأفراد له ، ومن طريقه السلفي في الطيوريات ، قال : نا محمد بن هارون ، نا محمد بن يحيى القطيعي ، حدثني ، عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن ، حدثني أبو صالح خوات ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري : { إن أول رأس علق في الإسلام رأس أبي عزة الجمحي ضرب رسول الله عنقه ، ثم حمل رأسه على رمح ، ثم أرسل به إلى المدينة }. وأما الحمل إلى عثمان . فلم أره ، نعم ورد في حمل الرءوس إلى أبي بكر ، لكنه أنكره كما تقدم .

وأخرج البيهقي من حديث عقبة بن عامر : " أن عمرو بن العاص ، وشرحبيل بن حسنة ، بعثا عقبة بريدا إلى أبي بكر برأس يناق بطريق الشام ، فلما قدم على أبي بكر أنكر ذلك ، فقال له عقبة : يا خليفة رسول الله فإنهم يصنعون ذلك بنا ، قال : تأسيا أو استينانا بفارس والروم ، ولا يحمل إلي برأس وإنما يكفي الكتاب والخبر " . إسناده صحيح ، قلت : رواه النسائي في الكبرى .

وروى البيهقي من طريق معاوية بن حديج ، قال : " هاجرنا على عهد أبي بكر ، فبينما نحن عنده إذ طلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه قدم علينا برأس يناق البطريق ، ولم يكن لنا به حاجة ، إنما هذه سنة العجم " .

قلت : ورأيت في كتاب أخبار زياد لمحمد بن زكريا الغلابي الإخباري البصري ، بسنده إلى الشعبي قال : لم يحمل إلى رسول الله ، ولا إلى أبي بكر ، ولا إلى عمر ، ولا إلى عثمان ، ولا إلى علي برأس ، وأول من حمل رأسه عمرو بن الحمق حمل إلى معاوية . 2240 - ( 46 ) - قوله : قتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث . قال الشافعي أنا عدد من أهل العلم من قريش وغيرهم من أهل العلم بالمغازي : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر النضر بن الحارث العبدري يوم بدر ، وقتله صبرا ، وأسر عقبة بن أبي معيط يوم بدر ، وقتله صبرا }. وروى [ ص: 202 ] البيهقي من طريق محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة ، عن أبيه ، عن جده : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل بالأسارى وكان بعرق الظبية أمر عاصم بن ثابت فضرب عنق عقبة بن أبي معيط صبرا ، فقال : من للصبية يا محمد ؟ قال : النار }ورواه الدارقطني في الأفراد وزاد : فقال : { النار لهم ولأبيهم }. وفي المراسيل لأبي داود عن سعيد بن جبير : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرا المطعم بن عدي ، والنضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط }. انتهى . وفي قوله : المطعم بن عدي تحريف ، والصواب طعيمة بن عدي ، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة ، ووصله الطبراني في الأوسط بذكر ابن عباس .

2241 - قوله : { ومن على أبي عزة الجمحي على ألا يقاتله ، فلم يوف فقاتله يوم أحد ، فأسر وقتل }. البيهقي من طريق سعيد بن المسيب بهذه القصة مطولا ، وفيه : { فقال له : أن ما أعطيتني من العهد والميثاق ، والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول : سخرت بمحمد مرتين }. قال شعبة : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين }. وفي إسناده الواقدي

التالي السابق


الخدمات العلمية