صفحة جزء
2464 - ( 31 ) - حديث أبي سعيد الخدري : قلنا : { يا رسول الله إنا لننحر الإبل ، ونذبح البقر والشاة ، فنجد في بطنها الجنين أفنلقيه أم نأكله ؟ فقال : كلوه إن شئتم ، فإن ذكاته ذكاة أمه }. الترمذي من طريق مجالد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد بهذا . ورواه أبو داود مثله ; إلا أنه قال : الناقة ، بدل الإبل . ورواه الدارقطني بلفظ : { إذا سميتم على الذبيحة ، فإن ذكاته ذكاة أمه }. قال عبد الحق : لا يحتج بأسانيده كلها ، وخالف الغزالي في الإحياء فقال : هو حديث صحيح ; وتبع في ذلك إمامه ، فإنه قال في الأساليب : هو حديث صحيح لا يتطرق احتمال إلى متنه ، ولا ضعف إلى سنده ، وفي هذا نظر ، والحق أن فيها ما تنتهض به الحجة ، وهو مجموع طرق حديث أبي سعيد ، وطرق حديث جابر على ما سيأتي بيانه . وقال ابن حزم وهو حديث واه ، فإن مجالد ضعيف ، وكذا أبو الوداك .

قلت : وقد رواه الحاكم من حديث عبد الملك بن عمير ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، وعطية وإن كان لين الحديث فمتابعته لمجالد معتبرة ; وأما أبو الوداك فلم أر من ضعفه .

وقد احتج به مسلم ، وقال يحيى بن معين : ثقة على أن أحمد بن حنبل قد رواه في مسنده عن أبي عبيدة الحداد ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي الوداك ، [ ص: 289 ] فهذه متابعة قوية لمجالد ، ومن هذا الوجه صححه ابن حبان وابن دقيق العيد .

وفي الباب عن جابر ، وأبي أمامة ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة ، قاله الترمذي . وفيه أيضا عن علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وأبي أيوب ، والبراء بن عازب ، وابن عمر ، وابن عباس ، وكعب بن مالك . أما حديث جابر فرواه الدارمي وأبو داود بلفظ : { ذكاة الجنين ذكاة أمه }.

وفيه عبيد الله بن أبي زياد القداح ، عن أبي الزبير ، والقداح ضعيف . ورواه الدارقطني من طريق ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير . والحاكم من طريق زهير بن معاوية ، عن أبي الزبير ، فهؤلاء ثلاثة رووه عن أبي الزبير ، وتابعهم حماد بن شعيب ، عن أبي الزبير ، عند أبي يعلى ، ولو صح الطريق إلى زهير ، لكان على شرط مسلم ، إلا أن راويه عنه استنكر أبو داود حديثه .

وأما حديث أبي أمامة وأبي الدرداء فرواهما الطبراني من طريق راشد بن سعد ، عن أبي أمامة ، وأبي الدرداء جميعا ، وفيه ضعف وانقطاع .

وأما حديث أبي هريرة ، فرواه الدارقطني من طريق عمر بن قيس ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن أبي هريرة ، وعمر بن قيس ضعيف ، وهو المعروف بسندل ، وأخرجه الحاكم من طريق أخرى ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، والراوي له عن أبي سعيد المقبري : حفيده عبد الله بن سعيد ، وهو متروك .

وأما حديث علي فأخرجه الدارقطني وفيه الحارث الأعور ، والراوي عنه أيضا ضعيف . [ ص: 290 ] وأما حديث ابن مسعود فرواه الدارقطني بسند رجاله ثقات ; إلا أحمد بن الحجاج بن الصلت ; فإنه ضعيف جدا وهو علته .

وأما حديث أبي أيوب فرواه الحاكم من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى ، عن أبيه عبد الرحمن ، عن أبي أيوب ، ومحمد ضعيف .

وأما حديث البراء فذكره البيهقي .

وأما حديث ابن عمر فله طرق ، منها : ما رواه الحاكم والطبراني في الأوسط وابن حبان في الضعفاء في ترجمة محمد بن الحسن الواسطي ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا : { إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه }فيه عنعنة ابن إسحاق ، ومحمد بن الحسن ضعفه ابن حبان ، ورواه الخطيب في الرواة عن مالك ، عن أحمد بن عصام ، عن مالك ، عن نافع به ، وقال : تفرد به أحمد بن عصام ، وهو ضعيف . وهو في الموطأ موقوف وهو أصح ولفظه : { إذا نحرت الناقة : فذكاة ما في بطنها في ذكاتها ، إذا كان قد تم خلقه ، ونبت شعره ، فإذا خرج من بطن أمه ذبح حتى يخرج الدم من جوفه }.

ورواه الطبراني في الأوسط في ترجمة أحمد بن يحيى الأنطاكي من حديث العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا ، وروي أيضا من طريق مبارك بن مجاهد ، عن ابن عمر ، ومن طريق أيوب بن موسى قال : ذكر عن ابن عمر ، قال ابن عدي : اختلف في رفعه ووقفه عن نافع ، ثم قال : ورواه أيوب ، وعدد جماعة عن نافع ، عن ابن عمر موقوفا وهو الصحيح . [ ص: 291 ] وأما حديث ابن عباس فرواه الدارقطني من حديث موسى بن عثمان الكندي ، عن ابن إسحاق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس بلفظ : { ذكاة الجنين ذكاة أمه }. وموسى مجهول ، وأما حديث كعب بن مالك فرواه الطبراني في الكبير من طريق إسماعيل بن مسلم ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، عن كعب به ، وإسماعيل ضعيف ، وذكره ابن حبان في الضعفاء فيما أنكر على إسماعيل ; قال : إنما هو عن الزهري ، قال : كان الصحابة . فذكره . وروى ابن حزم من طريق سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن ابن كعب بن مالك قال : " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : " ذكاة الجنين ذكاة أمه " . ورواه البيهقي عن جماعة من الصحابة موقوفا ، والله أعلم .

( فائدة )

قال ابن المنذر : لم يرو عن أحد من الصحابة وسائر العلماء : أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه إلا ما روي عن أبي حنيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية