صفحة جزء
291 - ( 8 ) - حديث ابن عمر : { كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة فرادى ، إلا أن المؤذن كان يقول : قد قامت الصلاة مرتين } أحمد والشافعي وأبو داود والنسائي وأبو عوانة [ ص: 354 ] والدارقطني ، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث شعبة ، عن أبي جعفر المؤذن ، عن مسلم أبي المثنى عنه ، قال شعبة لا يحفظ لأبي جعفر غير هذا الحديث ، فقال ابن حبان : اسمه محمد بن مسلم بن مهران . وقال الحاكم : اسمه عمير بن يزيد بن حبيب الخطمي ، ووهم الحاكم في ذلك ، ورواه أبو عوانة ، والدارقطني من طريق سعيد بن المغيرة الصياد ، عن عيسى بن يونس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وأظن سعيدا وهم فيه ، وإنما رواه عيسى ، عن شعبة كما تقدم ، لكن سعيد وثقه أبو حاتم .

وروى ابن ماجه من حديث سعد القرظ مرفوعا : { كان أذان بلال مثنى مثنى ، وإقامته مفردة }وعن أبي رافع نحوه ، وهما ضعيفان . قوله : إن أبا محذورة لما حكى الأذان عن تلقين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر التكبير في أوله أربعا ، هو كما قال ، فقد ساقه من حديث أبي محذورة بتربيع التكبير في أوله ، الشافعي وأبو داود والنسائي وابن ماجه [ ص: 355 ] وابن حبان ، ورواه مسلم من حديث أبي محذورة فذكر التكبير في أوله مرتين فقط ، وقال ابن القطان : الصحيح في هذا تربيع التكبير ، وبه يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة ، وقد قيد بذلك في نفس الحديث يعني - الآتي بعد قليل - قال : وقد يقع في بعض روايات مسلم بتربيع التكبير وهي التي ينبغي أن تعد في الصحيح ، انتهى وقد رواه أبو نعيم في المستخرج ، والبيهقي من طريق إسحاق بن إبراهيم ، عن معاذ بن هشام بسنده وفيه : تربيع التكبير ، وقال بعده : أخرجه مسلم ، عن إسحاق ، وكذلك أخرجه أبو عوانة في مستخرجه من طريق علي بن المديني ، عن معاذ .

292 - ( 9 ) - حديث : عبد الله بن زيد في الأذان ، وفيه : تربيع التكبير في أوله وهي قصة مشهورة . أبو داود ، وابن خزيمة ، وابن حبان في صحيحيهما ، والبيهقي من حديث يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه . حدثني أبي ; قال : { لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمل الناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة ، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا } ، فذكر الحديث ، وفيه تربيع التكبير ، وإفراد الإقامة ، وفيه : { فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به ، فإنه أندى صوتا منك }وفيه : { أن عمر جاء فقال : قد رأيت مثل ما رأى }. ورواه أحمد عن يعقوب به ، ورواه الترمذي ، وابن ماجه [ ص: 356 ] أيضا من حديث ابن إسحاق ، ورواه أحمد ، والحاكم من وجه آخر ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن زيد وقال : هذا أمثل الروايات في قصة عبد الله بن يزيد ، لأن سعيد بن المسيب قد سمع من عبد الله بن زيد ، ورواه يونس ، ومعمر ، وشعيب ، وابن إسحاق ، عن الزهري قال : وأما أخبار الكوفيين في هذه القصة ، فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ، واختلف عليه ، فمنهم من قال : عن معاذ بن جبل ، ومنهم من قال : عن عبد الله بن زيد ، ومنهم من قال غير ذلك ، وأما طريق ولد عبد الله بن زيد فغير مستقيمة الإسناد ، كذا قال الحاكم ، وقد صحح الطريق الأولى من رواية محمد بن عبد الله بن زيد ، عن أبيه البخاري ، فيما حكاه الترمذي في العلل عنه ، وقال محمد بن يحيى الذهلي : ليس في أخبار عبد الله بن يزيد أصح من حديث محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، يعني هذا ; لأن محمدا قد سمع من أبيه عبد الله بن زيد ، وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله ، وقال ابن خزيمة في صحيحه : هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل ، لأن محمدا سمع من أبيه ، وابن إسحاق سمع من التيمي وليس هذا مما دلسه ، وسيأتي الإشارة إلى طريق أخرى لحديث عبد الله بن زيد إن شاء الله من عند أبي داود .

( تنبيه ) قال الترمذي : لا نعرف لعبد الله بن زيد شيئا يصح إلا حديث الأذان ، وكذا قال البخاري . وفيه نظر ; فإن له عند النسائي وغيره حديثا غير هذا في الصدقة ، وعند أحمد آخر في قسمة النبي صلى الله عليه وسلم شعره ، وأظفاره ، وإعطائه لمن لم تحصل له أضحية .

293 - ( 10 ) - حديث { بلال : أنه أمر أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة }. [ ص: 357 ] متفق عليه من حديث أنس قال : { أمر بلال أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة }. ورواه النسائي وابن حبان ، والحاكم ولفظهم : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا }. واستدل ابن حبان على صحة ذلك بما رواه أيضا فيه من القصة في أوله : أنهم التمسوا شيئا يؤذنون به علما للصلاة فأمر بلال . قال : فدل ذلك على أن الآمر له بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لا غير . وفي الباب : عن أبي محذورة رواه البخاري في تاريخه والدارقطني وابن خزيمة بلفظ : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة }.

( فائدة ) ورد في تثنية الإقامة أحاديث منها : ما روى الترمذي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عبد الله بن زيد قال : { كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا في الأذان والإقامة }وقال : منقطع . وقال الحاكم والبيهقي : الروايات عن عبد الله بن زيد في هذا الباب كلها منقطعة لأن عبد الله بن زيد استشهد يوم أحد ، ثم أسند عن الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر ; قال : دخلت ابنة عبد الله بن زيد ، على عمر بن عبد العزيز فقالت : يا أمير المؤمنين أنا ابنة [ ص: 358 ] عبد الله بن زيد ، شهد أبي بدرا وقتل يوم أحد ، وفي صحة هذا نظر ; فإن عبيد الله بن عمر لم يدرك هذه القصة ، وقد روى أبو داود وغيره من طريق محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن عبد الله بن زيد ، قال : حدثني أبي . ونقل الترمذي أن البخاري صححه .

وروى الواقدي عن محمد بن عبد الله بن زيد قال : توفي أبي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وقال ابن سعد : شهد أحدا ، والخندق ، والمشاهد كلها ، ولو صح ما تقدم للزم أن تكون بنت عبد الله بن زيد صحابية .

وروى عبد الرزاق والدارقطني والطحاوي من حديث الأسود بن يزيد { : أن بلالا كان يثني الأذان ويثني الإقامة ، وكان يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير }.

وروى الحاكم والبيهقي في الخلافيات ، والطحاوي ، من رواية سويد بن غفلة : أن بلالا كان يثني الأذان والإقامة وادعى الحاكم فيه الانقطاع ، ولكن في رواية الطحاوي : سمعت بلالا ، ويؤيد ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن حسين بن علي ، عن شيخ يقال : الحفص ، عن أبيه ، عن جده ، وهو سعد القرظ قال : { أذن بلال ، حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أذن لأبي بكر في حياته ، ولم يؤذن في زمان عمر } ، انتهى . وسويد بن غفلة هاجر في زمن أبي بكر ، وأما ما رواه أبو داود من طريق سعيد بن المسيب : أن بلالا أراد أن يخرج إلى الشام ، فقال له أبو بكر : بل تكون عندي ، فقال : إن كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني ، وإن كنت أعتقتني لله فذرني أذهب إلى الله ، فقال : اذهب ، فذهب فكان بها حتى مات ، فإنه مرسل وفي إسناده عطاء الخراساني وهو مدلس ، ويمكن التوفيق بينه وبين الأول . وروى الطبراني في [ ص: 359 ] مسند الشاميين من طريق جنادة بن أبي أمية ، { عن بلال أنه كان يجعل الأذان والإقامة مثنى مثنى ، وكان يجعل إصبعيه في أذنيه }. إسناده ضعيف . وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائي وغيره .

( فائدة ) أورد الرافعي حديث بلال المتقدم محتجا للقديم في إفراد كلمة الإقامة ، لكن في صحيح البخاري في هذا الحديث أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة . وفيه بحث ذكرته في المدرج ، وفي رواية عبد الرزاق عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : { كان بلال يثني الأذان ، ويوتر الإقامة ، إلا قوله : قد قامت الصلاة }. وأخرجه أبو عوانة ، والسراج كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية